ابن دقيق العيد هو تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة القشيري من أصل منفلوطي. يُعد واحداً من أبرز علماء أصول الشريعة الإسلامية، وقد تميز بتجواله المستمر في طلب العلم. وُلِد في قوص، وتلقى تعليمه في دمشق، والإسكندرية، والقاهرة، حيث أقام حتى وفاته في عام 702هـ/1302م. شغل ابن دقيق العيد عدة مناصب قضائية، بالإضافة إلى نشاطه في مجال التدريس.
يعود لقب ابن دقيق العيد إلى جدّه الذي كان له مكانة بارزة بين أهالي الصعيد. وقد أُطلق عليه هذا اللقب بسبب ارتدائه عمامة بيضاء ناصعة، تشبه الدقيق المستخدم في صنع المعجنات يوم العيد، مما جعل هذا اللقب ينتقل إلى الإمام تقي الدين، ليُعرف لاحقاً باسم “ابن دقيق العيد”.
وُلد ابن دقيق العيد في عام 625هـ/1228م في سواحل مدينة ينبع، أثناء توجه والديه لأداء فريضة الحج. بعد أن أتم حفظ القرآن الكريم في طفولته، التحق بالحلقة العلمية، حيث درس على يد والده مالكي المذهب في مدينة قوص. ثم تفقه على يد الشيخ عز الدين بن عبد السلام الشافعي، مما مكنه من فهم أصول وقوانين المذهب الشافعي. بفضل هذه المعرفة، أصبح قادراً على الإفتاء في كلا المذهبين.
كما درس ابن دقيق العيد اللغة العربية على يد الشيخ محمد أبي الفضل المرسي، وسعى دائماً للحصول على المعرفة. سافر إلى القاهرة بناءً على توصية شيخه عز الدين بن عبد السلام، حيث استمر في دراسة أصول الفقه الشافعي حتى وفاة شيخه في عام 660هـ/1262م.
عاد ابن دقيق العيد إلى مدينة قوص وعمره 37 عامًا، حيث عُين قاضياً في المدرسة المالكية. إلا أنه سرعان ما انتقل إلى القاهرة لتدريس الحديث النبوي في مدرسة دار الحديث الكاملية، وذاع صيته في تدريس الحديث بطريقة منهجية متميزة، مما أكسبه لقب “شيخ دار الحديث”.
انضم فيما بعد إلى مدرسة الناصرية التابعة لصلاح الدين الأيوبي لتدريس القانون. وبفضل إتقانه للعمل، تم طلب انضمامه للتدريس في مدرسة الفضيلة، إحدى المدارس الرائدة آنذاك، كما شغل لاحقاً منصب رئيس قضاة مصر، وأسس مركزاً لإدارة ممتلكات الأيتام والحفاظ عليها حتى بلوغهم سن الرشد، وهي خطوة غير مسبوقة في تاريخ مصر.
كان ابن دقيق العيد معروفاً ببراعته العلمية وجمعه للعلوم، وتميزه في الفنون الشرعية وخاصة في مجال علوم الحديث. انفرد بتقديم فهم عميق للأحكام والمعاني من القرآن والسنة، كما تميز في العلوم النقلية والعقلية. أبدع أيضًا في علوم أخرى منها الخطابة والشعر والنثر، مما أضاف إلى شهرته بين العلماء في عصره.
لدى ابن دقيق العيد مجموعة واسعة من المؤلفات في مختلف العلوم الدينية، ومن أبرز هذه الكتب:
أحدث التعليقات