ابن دراج القسطلي: عالِم ومؤرخ فذ في الأدب الإسلامي

تعريف بالشاعر ابن دراج القسطلي

أحمد بن محمد بن أحمد بن سليمان بن عيسى بن دراج القسطلّي، المعروف بأبو عمر، وُلِد في شهر محرم عام 347 هـ (958 م) في مدينة قرطبة، الأندلس. ينتمي إلى عائلة يعود أصلها إلى بربر صنهاجة، التي كانت تقطن قرية قسطلة دراج الواقعة في الجزء الغربي من الأندلس.

يُعتبر ابن دراج واحداً من أبرز الشعراء في عصره، وقد ألّف ديوان شعر يتكون من جزئين كما أشار إليه صاحب “وفيات الأعيان”. كان يتمتع بمهارات في النثر أيضاً، لكن المصادر التاريخية التي تتحدث عنه شحيحة، حيث فقدت معظم المراجع المتعلقة بحياته، بما في ذلك ديوانه ورسائله البليغة. لم يتبقَ من آثاره الأدبية سوى بقايا محدودة لا تكفي لتوضيح مكانته في مجال البلاغة والأدب.

نشأته وحياته المبكرة

نشأ ابن دراج القسطلي في الأندلس، ولم يشعر أبداً بصفة كونه من أصول بربرية. ومع ذلك، فإن المعلومات المتعلقة بطفولته والمعلمين الذين قادوه في مسيرته الأدبية قليلة جداً، إذ تُحيط الغموض بكافة التفاصيل من بدايات حياته وحتى ظهوره المفاجئ في بلاط المنصور بن أبي عامر.

آراء المؤرخين حول ابن دراج

  • قال ابن بسام في كتابه “الذخيرة”: “كان أبو عمر القسطلي في زمانه لسان الجزيرة، شاعراً متميزاً عندما يُقارن مع معاصريه، وكان يُعتبر الواجهة الثقافية لأرضه. لم يكن هناك من يستطيع إنكار عظمته، إذ كان يشار إليه على أنه أحد الأسماء اللامعة في العالم الأدبي، وقد تناول ذكره الثعالبي في بعض كتاباته المميزة”.
  • وكتب أبو حيان: “أبو عمر القسطلي يُعتبر الرائد في ساحة الشعراء الأندلسيين، حيث حظي بمكانة عالية ولم يتجاهله الملوك رغم التحديات والمحن التي واجهته. مدحه كان يُستخدم كوسيلة للتوصل إلى قلوب الملوك، ولم يُسمع صوته بشكل عادل في تلك الأوقات المتقلبة”.

قصائد ابن دراج القسطلي

أبدع ابن دراج في العديد من القصائد التي حظيت بشهرة واسعة، ومن أبرزها القصيدة التي يقول فيها:

“هل أنت مدرك آمالي فمحييها

ومبدلي في الورى من ذلتي تِيهَا

بلحظة تقتضي مني مكارمها

هدية لك حاز السبق مهديها

جواهر من بحور العلم ليس لها

إلا استماعكَها قدر يُساويها

حتى ترى الطرص في كرات فارس

والكاعب الرواد في أثواب جاليها

عسى الذين نأوا عني أخبرهم

بأن نفسي مبلود أمانيهَا.”

ومن القصائد الأخرى التي أضاءت لها الأفكار، نجد هذه الأبيات:

“أضاء لها فجر النُهى فَنَهَاها

عن الدنف المُضنى بحر هواها

وضلّلها صبح جلا ليلة الدجى

وقد كان يهديها إليَّ دُجََاها

ويشفع لي منها إلى الوصل مفرق

يُهل إليْهِ حليهَا وحلاها

فيا للشباب الغض أَنْهَجَ بُرْدَهُ

ويا لرياض اللهو جف سَفَاها

وما هي إلا الشمس حَلَت بمفرقي

فأعشى عيون الغانيات سناها

وعين الصبا عار المشيب سوادها

فعن أَي عينٍ بعد تلك أراها؟”

وفاته

توفي ابن دراج القسطلي في السادس عشر من جمادى الآخرة عام 421 هـ (1030 م).

Published
Categorized as إسلاميات