ابن حمديس الصقلّي

ابن حمديس الصقلّي هو أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن حمديس الصقلّي الأزدي، وهو شاعر أندلسي من أصل عربي. ينتمي إلى قبيلة الأزد، ومع ذلك لم يتفاخر بنسبه، بل اعتز بأرض بني الثغر التي نشأ فيها، مما يدل على حبه لوطنه وتفضيله له على القبيلة. وُلد ابن حمديس في عام 447هـ في مدينة سرقوسة الواقعة في جزيرة صقلية، وعاش فيها خلال فترة حكم المسلمين. شارك في العديد من الغزوات والمعارك التي دارت هناك، وفي هذا المقال نستعرض سيرة ابن حمديس الصقلّي.

نشأة ابن حمديس الصقلي

نشأ ابن حمديس في عائلة تتسم بالتدين والتمسك بالقيم. كان والده وجده معروفين بقوة إيمانهم وتقواهم. بيئته كانت غنية بالثقافة الدينية والأدبية والطبية، وقد أظهر حبًا عميقًا للعلم منذ طفولته، مما ساهم في اتساع معرفته وتميزه في العديد من العلوم مثل اللغة والنحو والعروض والتاريخ وغيرها.

ابن حمديس والمعتمد بن عبّاد

بعد تقسيم الأندلس إلى دويلات يحكمها ملوك الطوائف، انتقل الشاعر من صقلية إلى إشبيلية، التي كانت تحت حكم الأمير الشاعر المعتمد بن عبّاد. وقد عُرف المعتمد بكرمه المتواصل تجاه الشعراء، حيث احتشد قصره بالشعراء وذوي العلم والأدب. تواصل ابن حمديس مع المعتمد، وكان من الشعراء المقربين إليه. أحبّه المعتمد وامتدحه، معبرًا عن شجاعته وجهاده في سبيل الله، ورأى فيه القائد المثالي. اعتبر ابن حمديس أن حياته في إشبيلية كانت استمرارًا لرفاهية حياته في صقلية، ومع ذلك، فقد استولى المرابطون على إشبيلية ونفى المعتمد إلى المغرب، حيث استمر المعتمد في إرسال شعره إلى أصدقائه في الأندلس، بما في ذلك ابن حمديس، الذي اضطر بعدها إلى الانتقال إلى المغرب العربي وشمال أفريقيا. تردد على المعتمد في منفاه بأغمات، وفاءً له، وقد قال عنه العديد من الأبيات منها:

أباد حياتي الموت إن كنت ساليا

وأنت مقيم في قيودك عانيا

وإن لم أبار المزن قطراً بأدمعي

عليك فلا سقيت منها الغواديا

الهجرة إلى القيروان

هاجر ابن حمديس من المغرب إلى القيروان وبدأ هناك في كسب رزقه من خلال شعره، بعد أن فقد ثروته أثناء سفره من الأندلس إلى المغرب. قام بمدح بني زيري، حيث أشاد بأبي طاهر يحيى بن تميم الصنهاجي وابنه علي، ثم انتقل لمدح بني حماد في مدينة بجاية.

وفاة ابن حمديس الصقلي

توفي ابن حمديس في شهر رمضان من عام 527هـ، عن عمر يناهز ثمانين عامًا، وقد وُدفن بجوار قبر الشاعر ابن اللبانة.