هو محمد بن جرير بن غالب الطبري، المعروف بلقب أبو جعفر الطبري، ويعتبر من أبرز أعلام الإسلام، حيث تميز كعالم تفسير وفقيه ومؤرخ. كان له دور بارز في تقديم أحكام اجتهادية، ويعود له الفضل في تأسيس أهم الكتابين في التاريخ والتفسير، وهما: “تفسير الطبري” و”تاريخ الطبري”. سنتناول في هذا المقال معلومات قيمة عن هذا الإمام الجليل.
وُلد الطبري في عام 224 هـ في مدينة آمل الواقعة في طبرستان، وتمتع بذكاء واستيعاب مبكرين. دفع هذا والده إلى تشجيعه على حفظ القرآن الكريم وفهمه، خاصة بعدما رأى في المنام أنه يجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. عندما روى هذه الرؤيا لأحد المفسرين، أخبره أن ابنه سيكون ناصحًا في الدين وله مكانة عظيمة. رُوي أن والد الطبري كان يكرر هذه الرؤيا مما حفزه على طلب العلم بكل اجتهاد.
سعى والد الطبري جاهدًا لتوفير تعليم متميز له، حيث أنفق ما لديه من مال لتأمين تعلمه على أيدٍ محترفة من الشيوخ والمعلمين، وحرص على تعريفه بهم قبل البدء بالدراسة. يُذكر أنه أتم حفظ القرآن في سن السابعة، وأقام الصلاة في الجماعة في عمر الثامنة، وبدأ في كتابة الحديث في سن التاسعة.
تميز الطبري بالتفاني والزهد، وكان حذرًا من الانزلاق إلى الشبهات أو المحرمات. وُصف بأنه كان يعيش من المحاصيل البسيطة التي يزرعها بنفسه، ولم يكن مغرمًا بزينة الدنيا أو مغرياتها. كما أنه كان يرفض تلقي الهدايا أو العطايا من الحكام والملوك، ولم يكن يتراجع عن قول الحق تحت أي ضغوط.
كان يحفظ لسانه عن الناس ولم يؤذِ أحدًا بالكلام، حتى عند الإساءة إليه، إذ ارتقى عن الجدال. كما كان عفيف النفس ويحتفظ بكرامته، ولم يسأل أحدًا حتى في الأوقات الصعبة. برغم مكانته الكبيرة، كان متواضعًا وبعيدًا عن الغطرسة، ويرد الدعوات التي توجه إليه. عُرف أيضًا بسماحته وعفوه عن الآخرين، وشجاعته في قول الحق.
في فترة من الفترات، انتشر التعصب المذهبي في العراق، حيث كان الحنابلة في صدارة المشهد. أدى ذلك إلى حدوث توترات بين الطبري وابن داوود، حيث اتهمه الحنابلة بالتشيع ومنعوه من لقاء الآخرين أو إلقاء الخطب. ونتيجة لذلك، عانى من عزلة حتى وافته المنية مساء يوم الأحد السادس والعشرين من شوال عام 310 هـ.
أحدث التعليقات