ابن بطوطة ودراساته الأكثر تأثيراً

يُعتبر العديد من الرحالة والمستكشفين العرب من الشخصيات المؤثرة في التاريخ العربي والعالمي، حيث تركوا تراثًا غنيًا من المؤلفات التي تسرد استكشافاتهم ورحلاتهم. وقد قاموا بتقديم وصف مُفصل للبلدان التي زاروها، وتظل أعمالهم تُدرس وتُترجم إلى كافة لغات العالم حتى اليوم.

ابن بطوطة وأعماله البارزة

ابن بطوطة، المعروف باسم محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي، هو أحد أبرز الرحّالين العرب والذي ينتمي إلى قبيلة لواتة البربرية. أمضى سنوات طويلة من حياته يسافر إلى أكثر من أربعين دولة، مستخدمًا مختلف وسائل النقل بين البحر والسفر عبر قوافل الجمال والمشي على الأقدام.

بدأ رحلاته في صغره وترك إرثًا ثقافيًا ملحوظًا من الأعمال الأدبية التي تسجل مغامراته. ومن أبرز أعماله كتاب “رحلات ابن بطوطة”، الذي يُعرف بوصفه رواية شاملة لاستكشافاته في جميع البلدان الإسلامية، فضلاً عن الصين وسومطرة، وقد نالت هذه الكتاباته إعجاب ملك المغرب الذي أثنى على أسفاره وأفكاره العميقة.

كما قام بتأليف كتاب يحمل عنوان “تحفة النظار في غرائب الأمطار وعجائب الأسفار”، الذي خصصه لعرض العجائب والغرائب التي واجهها خلال رحلاته، ويُعتبر الكتاب مثالياً بفضل أسلوبه السلس والقصص الطريفة التي يرويها.

من هو ابن بطوطة؟

محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي، المعروف وابن بطوطة، هو مستكشف ورحالة مغربي ترك بصمة كبيرة في التاريخ. عرفت مذكراته مثل هذه الوثائق القيمة التي تقدم وصفًا دقيقًا للعديد من البلدان التي زارها. ولا تزال كتبه تُدرّس وتُباع عالميًا.

انطلقت رحلاته في سن الواحد والعشرين، وانتقل عبر مختلف طرق السفر، سواء بحرياً أو بَرّيًا مع القوافل على ظهر الجمال. كان يدون جميع مغامراته والأحداث التي واجهها أثناء رحلاته.

قُدّر أن ابن بطوطة سافر حوالي 120 ألف كيلومتر خلال رحلاته، متعرفًا على مختلف الثقافات والتقاليد لكل البلدان التي زارها.

متى وأين وُلِد ابن بطوطة؟

وُلِد ابن بطوطة في 25 فبراير 1304م، بمدينة طنجة في المغرب. وكانت عائلته من أصول تنحدر من القبائل الإفريقية المعروفة بالبربر، ويمتازون بثقافتهم العالية ومعرفتهم الواسعة، حيث كان بعضهم علماء في القانون وقضاة خلال تلك الفترة.

بدأ رحلاته الأولى في سن الواحدة والعشرين عندما انطلق لأداء فريضة الحج إلى مكة المكرمة، وقد زار مدينة دمشق خلال تلك الرحلة للتعلم من العلماء هناك.

تُعتبر طنجة، مسقط رأس ابن بطوطة، واحدة من أهم المدن المغربية، حيث تُعتبر مركزًا تجاريًا رئيسيًا وقد شهدت العديد من الحضارات على مر العصور، بدءًا من الحضارة اليونانية وصولاً إلى الحضارة الإسلامية.

تأسست طنجة في القرن الخامس قبل الميلاد، وتأثرت بالعديد من الثقافات المختلفة منذ بداية استقرار التجار الفينيقيين فيها في القرن الرابع عشر قبل الميلاد.

استعادت المدينة نشاطها مع الفتوحات الإسلامية التي قادها طارق بن زياد لغزو الأندلس، واستمرت حتى استقرت في الآونة الأخيرة، وهي تُعتبر وجهة غنية بالمعرفة والعلوم.

كتاب “الرحلة”

يُعتبر كتاب “الرحلة” أو “تحفة النظار في غرائب الأمطار وعجائب الأسفار” من أشهر أعمال الرحالة ابن بطوطة.

وثق فيه الكثير من الأحداث التاريخية للعالمين الإسلامي والغربي، بالإضافة إلى السياسات والتقاليد المتعددة بين البلدان التي قام بزيارتها.

قصّ رواياته بأسلوب إنساني ذكي يتفرد في الكتابة التاريخية، وتشكّل رواياته عن الهند وآسيا الصغرى وإفريقيا والمالديف مصادر هامة للتاريخ، فيما تُعدّ الأجزاء المتعلقة بالشرق الأوسط قيمة لما تضمنته من تفاصيل عن الحياة الثقافية والاجتماعية.

تُبرز رواياته أيضًا شخصيته وآراءه حول المجتمع الإسلامي من الطبقات المتوسطة في القرن الرابع عشر، واكتمل نص الكتاب في الفترة من 1853 إلى 1858، وتم ترجمته لاحقًا إلى الفرنسية ثم إلى الإنجليزية عام 1929م.

إنجازات ابن بطوطة

  • في الفترة التي كان الكثيرون يسافرون للتجارة، اتخذ ابن بطوطة من السفر وسيلة لكسب العيش.
    • كان يتلقى الهدايا من الحكام ويعمل ككاتب.
  • سافر ابن بطوطة إلى مقديشو في الصومال.
    • ثم انتقل إلى مومباسا (عاصمة كينيا اليوم) كأحد وكلاءها.
    • وأشار في مذكراته إلى أن تخطيط مدينة كيلا كان متقدمًا جداً.
  • أراد ابن بطوطة العمل مع السلطان محمد بن تغلق شاه في سلطنة دلهي، وعبر الأناضول للوصول إلى الهند.
  • زار مدينة القسطنطينية الشهير وحضر مع الملك أندرونيكوس الثالث كجزء من الوفد المرافق للسلطان اوزبيك.
  • بعد القسطنطينية، سافر إلى الهند عبر جبال هندو كوش.
    • وصل إلى دلهي وقدم نفسه للسلطان محمد بن تغلق.
  • عين قاضيًا وخبيرًا في الشريعة الإسلامية هناك لمدة ست سنوات.
  • كانت آخر رحلاته إلى إسبانيا والسودان، وتُعدّ رواياته عن السودان التي وصل إليها عام 1352 واحدة من أفضل المصادر للمعلومات عن إفريقيا خلال تلك الفترة.
  • في عام 1353، عاد إلى وطنه المغرب وتولى العمل كقاضي، واستمرّ في كتابة مذكراته بالتعاون مع ابن جزي الكلبي.
  • يُعتقد أنه استمر كقاضي حتى نهاية حياته.

وفاة ابن بطوطة

توفي ابن بطوطة في المغرب عام 1368م، وقد أنهى كتابة جميع رحلاته ومذكراته قبل وفاته.

بعد أن قضى معظم حياته كقاضي، أرخى عناءه في سرد مذكراته وترك لنا أعظم كتاب عن السفر والاستكشاف.

حيث سافر إلى أماكن بعيدة تفوق اهتمامات ماركو بولو، وقدّم أعمالاً تتضمن العديد من الجوانب التاريخية التي لا تُقدّر بثمن.

شمل حديثه مشاهداته عن الأشخاص، الحكام، والمعالم الدينية والثقافية المتنوعة للعديد من الشعوب.

تظل رحلات ابن بطوطة مصدرًا هامًا للبحث والدراسة التاريخية.

تعتبر مغامراته من أبرز الأعمال المؤثرة في أدب الرحلات حتى يومنا هذا، رغم وجود بعض الروايات التي يمكن اعتبارها خيالية.

Published
Categorized as أدب الرحلات حول العالم