ابن الونان هو الاسم الذي يُعرف به أحمد بن محمد التواتي الحميري، وهو شاعر ينتمي إلى مدينة فاس في المغرب. تعود أصول عائلته إلى صحراء المغرب، حيث عاش أجداده قبل الانتقال إلى مدينة فاس، ولهم جذور تمتد إلى المولى محمد بن عبد الله.
يُعتَبَر ابن الونان واحدًا من أبرز العلماء الذين عاشوا في العصر العلوي، وقد تميز بشعبيته بين طائفة حمير التي أُقيمت في منطقة توّات. كان والده، محمد الونان، أديباً وشاعراً موهوباً، وكان من المقربين للسلطان العلوي محمد بن عبد الله، حيث عُرف بلقب أبي الشمقمق. على الرغم من محاولات أحمد الحميري المتكررة للتواصل مع السلطان، لم تسنح له الفرصة إلا عندما صادف موكبه، حيث ناداه قائلاً:
يا سيدي ســبط النــبي أبو الشمقمق أبي
تميز ابن الونان بمهارته في الشعر، حيث نظم العديد من القصائد التي تتضمن الهجاء. ومن أبرز قصائده القصيدة المعروفة بالقصيدة الشمقمقية، التي تتكون من 750 بيتاً شعرياً.
رغم شهرة ابن الونان كشاعر مهم في عصره، فقد فقدت جميع أعماله الشعرية، ولم يتبقى منها شيء سوى القصيدة الشمقمقية.
حققت القصيدة الشمقمقية شهرة واسعة لظهورها في زمن كان الأدب فيه ضعيفًا، وقد كتب العديد من المؤلفين حول هذا الشاعر والفقيه المغربي، من بينهم كتاب “شرح الشمقمقية” للكاتب عبد الله كنون، بالإضافة إلى كتاب “قطوف الريحان من زهر الأفنان: شرح حديقة ابن الونان”.
وتناول محمد الأخضر العديد من جوانب القصيدة الشمقمقية في كتابه “الحركة الأدبية على عهد الدولة العلوية”، حيث أورد العديد من الأمثلة من القصيدة، ومنها تتابع الكلمات المتنوعة في وصف الأرض والرياح والأشجار. إليكم مثال على ذلك:
ليس بها غير السوافي والحوا صب الحراجــــيج وكل زحلـق
والمــــرخ والعفار والعــضاة والبشام والأثل ونــبت الخربق
والرمث والخــــلة والســـعدان والثغر وشرى وسنا وسمسق
وعشــــر ونشــــم واســــحل مـع ثــــــمام وبــــهار مــــونق
حققت هذه القصيدة شهرة عظيمة، وشرحها الكثيرون من بينهم الناصري السلاوي وبن محمد البطراوي، وفيما يلي بعض الأبيات من هذه القصيدة:
مهلًا على رسلك حادي الأينق ولا تكلفها بما لم يطق
فطالما كلفتها وسقتها سوق فتى من حالها لم يُشفق
ولم تزل ترمي بها أيدي النوى بكل فجٍ وفلاة سملق
وما ائتلت تذرع كل فدفدٍ أذرعها وكل قاع فرق
وكل أبطح وأجرع وجز عٍ وصريمة وكل أبرق
مجاهل تحتار فيهن القطا لادمنةٍ لا رسم دارٍ قد بقي
أحدث التعليقات