أوضح العديد من العلماء المتخصصين في دراسات ما قبل التاريخ أن البشر تطوروا من كائنات قريبة الشبه بالإنسان، والتي عاشت لأكثر من 4 ملايين سنة. ومع ذلك، فإن الاكتشافات الأثرية لم تتجاوز بقايا عدد محدود من عظام البشر، مما يعتبر غير كافٍ لدراسة عملية تطورهم بشكل شامل. لذا، يسعى العلماء لفهم أصول الإنسان عن طريق تحليل الاختلافات الجينية والدموية بين القردة العليا والإنسان الحديث، مستندين إلى فرضيات تتعلق بالحجارة المحجرة التي تشير إلى وجود جد مشترك بين البشر والقردة. تشير تحليلاتهم إلى أن أسلاف البشر بدأت تتطور في اتجاه مختلف تماماً عن أسلاف الغوريلا والشمبانزي منذ حوالي سبعة ملايين سنة، رغم أن هذا الأمر لا يزال يفتقد للدلائل العلمية الموثوقة.
لا يوافق الإسلام على النظرية التي تدعي أن الإنسان والقرد ينتميان إلى سلف مشترك، حيث يبّين القرآن الكريم حقيقة خلق الإنسان بدءاً من آدم عليه السلام، ويؤكد الله تعالى في كتابه الكريم أنه خلق الإنسان في أحسن صورة، كما جاء في الآية: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين:4]. وتتناول الكثير من الآيات مُجمل صفات حسن الصورة والتكوين، ويُقدّر الله تعالى الإنسان من خلال خلقه بأفضل الصفات، حيث منح الإنسان بصره وسمعه وعقله وقلبه، وفضّله على سائر المخلوقات.
تمكّن العلماء من الحصول على معلومات قيمة عن إنسان ما قبل التاريخ من خلال دراستهم للمجتمعات الإنسانية المنعزلة وغير الصناعية، بالإضافة إلى فحص الأحافير وبقايا الآثار التي تم نقلها إلى المتاحف والمختبرات في العديد من الجامعات لتحديد عمرها. يجدر بالذكر أن هذه الدراسة تحتاج إلى عدة سنوات لإتمامها، وذلك بسبب تعقيدها.
يعتقد بعض العلماء بأن الأقدمين من البشر تطوروا من كائنات سماها “القردة الجنوبية”. ومع ذلك، فإن هذا الاعتقاد يتعارض مع ما ورد في القرآن عن أصل الإنسان، كما يتنافى مع الحقائق العلمية المعتمدة. في عام 1978م، تم اكتشاف مجموعة من الطبقات المتحجرة التي تم تصنيفها على أنها تعود لنوع من القردة، تُعرف بالقرد الجنوبي، وتشير هذه البقايا إلى أن هذه القردة كانت تسير على قدميها لفترة من الزمن قبل أن تتسلق الأشجار هربًا من الخطر.
يطلق العلماء على أقدم الأنواع البشرية اسم “الإنسان الماهر”، الذين عاشوا في جماعات وصنعوا أدوات حجرية، وكانوا يشبهون القرد الجنوبي في الشكل، ولكنهم تميزوا بدماغ أكبر. يلي الإنسان الماهر نوع آخر يُعرف باسم “الإنسان المنتصب”، الذي عاش في إفريقيا قبل حوالي 1.6 مليون سنة، وكان طوله يصل إلى نحو 150 سم. كان لهذا النوع شكل رأس كبير ومائل، وفك قوي، ودماغ بحجم أكبر قليلاً من دماغ الإنسان الماهر. يُعتبر الإنسان المنتصب أول من استخدم الفؤوس اليدوية وآلات التقطيع، وقد تعلم إشعال النار، ويُعتقد أنه كان من أوائل البشر الذين ارتدوا الملابس وانتقلوا خارج إفريقيا، حيث عُثر على آثارهم في الصين وألمانيا.
يتبع الإنسان المنتصب نوع آخر يُعرف باسم “الإنسان العاقل”. ومن الأمثلة البارزة لهذا النوع “إنسان نياندرتال” الذين عاشوا في بعض مناطق آسيا وأفريقيا وأوروبا منذ حوالي 100.000 عام حتى 35.000 سنة مضت. تميز هذا الإنسان بجسم ضخم وطول يزيد عن 150 سم، ودماغ بحجم دماغ الإنسان الحديث، كما عُرف عنه الصيد وصناعة الأدوات من شظايا الحجر.
بدأ ظهور البشر المعاصرين منذ حوالي 40.000 عاماً، حيث وُجدت العديد من العظام المتحجرة التي تعود لهذه الفترة. يُطلق العلماء على البشر المعاصرين اسم “الإنسان العاقل الحديث”. اكتُشفت أقدم الأحافير للإنسان المعاصر في كهف بوردر، الواقع على الحدود بين جنوب إفريقيا وسوازيلاند، ويعود عمرها إلى 90.000 عام، ويتجاوز طول البشر المعاصرين 170 سم.
أحدث التعليقات