لقد قدمت الحضارة الإسلامية إسهامات بارزة في علم الطب، ونستعرض فيما يلي أهم هذه الإنجازات:
بدأ العلماء العرب في القرن السابع الميلادي بعملية ترجمة النصوص الطبية من لغات متعددة مثل اليونانية والفارسية والسريانية والسنسكريتية إلى العربية. وكان من بين الأعمال المترجمة أعمال الطبيب الروماني الشهير جالينوس، حيث أضاف العلماء أساليبهم الخاصة وملاحظاتهم لتطوير موسوعات تضم المعرفة الطبية. كما قاموا بترجمة العديد من النصوص من العربية إلى اللاتينية، مما ساهم في ظهور كتب طبية شهيرة مثل كتاب “القانون” لابن سينا وكتاب “التصريف” للزهراوي، والتي استُخدمت في التعليم لعدة قرون.
تعتبر المستشفيات الأولى في العالم الإسلامي قد أُنشئت في بغداد خلال حكم هارون الرشيد، وكانت تُعرف باسم “بيمارستان”. بحلول عام 1000م، كان هناك ما لا يقل عن 30 مستشفى منتشرًا في أنحاء العالم الإسلامي. وقد كانت الدولة ملزمة بتقديم الرعاية الصحية لجميع المرضى بغض النظر عن جنسهم أو دينهم أو عرقهم، وذلك كواجب ديني. لم يكن هناك فترة محددة لبقاء المرضى في المستشفيات حيث كانت هذه المؤسسات ملزمة بالاحتفاظ بالمرضى حتى يتعافوا تمامًا. مع توسع المدن ونمو عدد السكان، قامت الحضارة الإسلامية بتطوير وبناء المستشفيات، والتي كانت تحتوي على أجنحة مخصصة لكل من النساء والرجال، وكانت مُجهزة بالتساوي. كما كان هناك أقسام خاصة لأمراض العيون والجراحة والصحة العقلية.
يُنسب إلى الطبيب العربي ابن النفيس الفضل في تقديم الوصف الأول للدورة الدموية الرئوية. لقد كان له تأثير كبير في مجالي الطب والتشريح، حيث ذكر أن القلب يتكون من نصفين وأن الدم يمر عبر الرئتين عند انتقاله من جانب إلى الجانب الآخر من القلب. كما أدرك أهمية شعيرات الدموية في تغذية القلب.
كتب العديد من الأطباء في التاريخ الإسلامي عن الجراحة، وكان منهم الزهراوي الذي يُعتبر رائدًا في هذا المجال. في القرن العاشر الميلادي، في الأندلس، عمل كطبيب للخليفة الحكم الثاني وكتب أطروحة طبية متميزة، وهي “كتاب التصريف”، الذي يتكون من 30 مجلدًا حول الطب والجراحة. وقد قام الزهراوي باختراع أكثر من 200 أداة جراحية تُستخدم حتى اليوم، بما في ذلك الملقط، المشرط، الإبرة الجراحية، الضام، المنظار، وخيوط التخدير.
ركز الصيادلة المسلمون على أهمية التجربة العلمية، فتقوم دراساتهم على استخدام المواد التي أظهرت تأثيرات إيجابية على صحة المرضى. بمعنى آخر، إذا كان أحد الأعشاب أو التوابل أو مكون آخر يُسهم في تحسين صحة مريض، فإنه يُستخدم في العلاج. ومن خلال تطوير علم العقاقير، اكتشف الأطباء المسلمون العظام مثل الرازي وابن سينا والكندي العديد من المواد العلاجية التي شكلت أساس الصيدلة في ذلك الوقت.
أحدث التعليقات