إلى أي جهة كانت تُقام رحلة الشتاء والصيف المذكورة في سورة قريش في القرآن الكريم؟ هذا السؤال يشغل أذهاننا لفهم أسلوب حياة العرب قبل الإسلام وفي زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته.
وجهات رحلة الشتاء والصيف
- زيادة على ذلك، كان تجار قريش يقومون برحلتين سنويًا بغرض التجارة وكسب الرزق، حيث أشار الله إلى رحلتهم في سورة قريش، فقال -عز وجل-:
- (لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ* إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ* فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا البَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) مما يعكس طبيعة تلك الرحلات.
- كانت تُقام الرحلات مرتين برمضان حيث يذهب التجار صيفًا إلى بلاد الشام، وشتاءً إلى بلاد اليمن، وقد اختاروا تلك الأمكنة تناسبًا مع الأجواء السائدة في كل فصل لتخفيف مشقة السفر.
- فمعنى كلمة “الارتحال” يشير إلى السفر الطويل بين المناطق، وجاءت وسيلتهم في ذلك من ركوب الجمال.
- ولذا فإن تلك الرحلات كانت تتطلب الكثير من الجهد، لذلك اختاروا مدن ذات مناخ معتدل.
- فقد اختاروا اليمن في الشتاء، وتحديدًا مدينة حمير لتكون وجهتهم في هذا الفصل.
- أما في فصل الصيف، فتوجهوا إلى بلاد الشام، مُحدّدين مدينة بصري باعتبارها مكانًا مناسبًا للرحلة بفضل اعتدال مناخها.
رحلة الشتاء والصيف وأسباب انخراط قريش في التجارة
- تُعتبر التجارة إحدى الأنشطة الرئيسية التي اشتهر بها تجار قريش في العصور الجاهلية، وقد تناولنا سابقًا وجهة تلك الرحلات.
- وجاء هاشم بن عبد مناف، جد الرسول صلى الله عليه وسلم، كأحد المؤسسين لأهمية هاتين الرحلتين.
- حصل هاشم على ضمانات من قيصر الروم في ذلك الحين، مما ساهم في تسهيل تجارة مكة إلى الشام.
- كما تحصل هاشم على عهود سلام من قادة القبائل على خطوط التجارة الذين أمنوا سلامته وسلامة التجار خلال رحلاتهم.
- ووفقًا لما ذكره محمد بن السائب الكلبي الكوفي، فإن هناك رحلتين للعرب، الأولى إلى الشام في فصل الصيف، والثانية إلى اليمن في فصل الشتاء، انطلاقًا من ظروف الطقس الملائمة لكل فصل، ولذلك عُرف مقصدهم لرحلة الشتاء والصيف.
- كان أساس الربح وفيرًا لأهل مكة، حيث كانوا يوفرون الطعام والملابس من بلاد الشام للسكان المحليين، محققين أرباحًا وفيرة.
نجاح قريش في التجارة
- تميز سكان مكة قبل الإسلام بقدراتهم الفائقة في مجال التجارة، وقد استفادوا من الاضطرابات السياسية في اليمن عندما غزتهم الحبشة، ما ساهم في تقوية نفوذ قريش في المنطقة.
- أصبحت مكة مركز التجارة الرائد في جزيرة العرب، حيث كانت تنقل تجارة اليمن إلى الشام وفلسطين.
- كما كانت تُصدر تجارة بلاد الشام إلى نجد والحجاز واليمن.
- أصبح تجار قريش من أغنى القبائل، وتمكنت مكة من بسط نفوذها التجاري في المنطقة.
سبب ذكر رحلة الشتاء والصيف في القرآن الكريم
بعد استعراض مجريات رحلة الشتاء والصيف المذكورة في القرآن، نجد أن الله عز وجل قد ذكرها في كتابه الكريم. وقد ورد في القرآن الكريم:
(لإِيلافِ قُرَيْشٍ*إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ*فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) صدق الله العظيم.
- كان أهل مكة، المعروفون بقوم قريش، قد أدركوا أهمية التجارة قبل ظهور الإسلام.
- وعند انطلاق دعوة النبي محمد لأهل قريش، أراد الله أن يذكرهم بنعمته العظيمة.
- فخلال سفرهم إلى الشام أُثناء الصيف واليمن شتاء، كانوا يسعون لأهداف تجارية ويعودون بأمان بفضل الله.
- كما جمعوا الثروة وبرزوا في المجتمع نتيجة لمكانتهم المرموقة بين القبائل العربية، لكونهم يعيشون في منطقة مقدسة.
فضل الله على قريش
- عندما ذكر الله “إيلافهم” فقد أحاط الأمر بمعانٍ كبيرة، مشيرًا بأن هناك رحلتين؛ واحدة في الشتاء والأخرى في الصيف، لنتعرف بذلك على جهة رحلة الشتاء والصيف.
- فقد أراد الله أن يُؤكد لأهل قريش أن هذا الفضل يعود إليهم جميعًا.
- كما ينبغي عليهم أن يؤدوا العبادة لله وحده، كما اعتادوا على هاتين الرحلتين الميمونتين.
- إن الله كانت له يد في إطعامهم بعد الجوع، وتوفير الأمن لهم بعد الخوف والقلق.
- بفضل الله، أصبح أهل قريش من أغنى القبائل وأكثرها جاذبية في مجال التجارة، حيث لولا فضل الله عليهم لكانوا في أشد الحاجة والفقر.
يمكنكم أيضًا التعرف على:
رحلة الشتاء والصيف وشهامة العرب
لقد عانت مكة من الفقر والجوع قبل بزوغ الإسلام، حيث كان يُطلق على فترة النفاد من الطعام “الاعتفار”، حيث كانوا يتجهون إلى أماكن بعيدة للنجاة:
- وعندما لاحظ هاشم بن عبد مناف هذه الظروف، قرر أن ينظم هاتين الرحلتين ليقوم بجلب الأسَر حتى يتقاسموا الأرباح.
- عرف العرب بشهامتهم وكرمهم، حيث لم يتركوا أحدًا يعاني من الجوع.
- كما كانوا يساندون الفقراء والعائلات التي لم تكن قادرة على إطعام نفسها.
طرق رحلة الشتاء والصيف
- كان من بركات الله على أهل مكة أن جعل طرق التجارة آمنة، حيث تم تعبيد الطرق لهم ولم يكن هناك أي اعتراض.
- عرف أهل مكة بأنهم يقيمون في أسرع الأراضي، رغم تواجد قُطاع الطرق، كانوا يُعاملون بأمان.
- بفضل الأمن الذي وفّره الله لهم، كانوا يذهبون ويعودون بالأرباح، مما جعل القبيلة تنتقل من الضعف إلى القوة.
- وبات الفقير بينهم يُعادل الغني.
من يقود رحلات التجارة؟
- تولى تنظيم رحلتي الشتاء والصيف أربعة رجال بارزين من قريش، وهم هاشم بن عبد مناف، الذي كان ملكهم حينها، وعبد المطلب وعبد شمس ونوفل.
- كان هاشم بن عبد مناف يقود رحلة الشام، بينما قاد عبد المطلب رحلة اليمن.
- كما كانوا يجمعون الأفراد من كل أسرة ليكون لديهم نصيب من مكاسب الرحلة.
- كان عبد شمس هو من يتولى قيادة الرحلة نحو الحبشة، ونوفل هو من يقودها نحو بلاد فارس.
- كما عملوا على إشراك أرباب الأسر ليتقاسموا معهم رزق الرحلة.
أحدث التعليقات