إشكالية احتقار النفس في الإسلام

الإسلام ونظرته لمفهوم احتقار الذات

يعاني العديد من الأشخاص من تقليل تقديرهم لذاتهم وقدراتهم، مما يؤدي بهم إلى الإحباط والفشل واليأس. في هذه الأثناء، يستسلم البعض لواقعهم السلبي الذي خلقوه في أذهانهم، وينتظرون بفارغ الصبر أن تجلب لهم الأيام المزيد من الأفكار السلبية. لكنهم نادراً ما يجلسون مع أنفسهم في هدوء للتفكير في وضع أهداف لهم والسعي لتحقيقها. وقد جاء الدين الإسلامي ليعزز مكانة الأمة ويرتقي بها، من خلال إزالة مفهوم احتقار الذات.

قبل الإسلام، كانت الأمة تواجه الجهل والفقر والمرض، ولكنه جاء ليعكس كرامة الإنسان ويعلي من شأنه. فقد رفع القرآن الكريم مكانة هذه الأمة وجعلها تشعر بالعزة والقوة لمجرد انتمائها إليها. فالإنسان لا يُمكنه أن يحتقر ذاته وهو يعلم أنه ينتمي إلى خالق عظيم مثل الله -تعالى- الذي خلقه.

قال -تعالى-: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه). توضح هذه الآية الكريمة المكانة العالية والعزة التي منحها الله -تعالى- للأمة الإسلامية. كما يقول -تعالى-: (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)، ويضيف أيضًا: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ).

رسالة الرسول حول احتقار الذات

كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- دائمًا حريصًا على تعزيز استقلالية الفرد في فكره وشخصيته وعدم السماح للاحتقار بالتسلل إلى نفسه. بل كان يدعو للاعتزاز بالنفس والدين والعائلة. فقد روى أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (لا يَحقِرَنَّ أحَدُكم نَفْسَه أنْ يَرَى أمْرًا للهِ فيه مَقالٌ، فلا يَقولُ فيه، فيُقالُ له: ما منَعَكَ؟ فيقولُ: مَخافةُ النَّاسِ، فيقولُ: فإيَّايَ كُنتَ أحقَّ أنْ تَخافَ!).

أسباب احتقار الذات

يُعتبر احتقار الذات قضية خطيرة تتطلب فهم أبعادها وأسبابها لتجنُّب الوقوع فيها. ومن الأسباب الرئيسية لاحتقار الذات ما يلي:

  • الانفصال عن منهج الله وسنة نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم-

فهذا الابتعاد يؤثر سلبًا على الفرد، مما يجعله يشعر بعدم الجدوى وفقدان الأمل والطموح في تحقيق أهدافه، مما يؤدي في النهاية إلى احتقار نفسه وفقدان الشعور بالمسؤولية. لذلك، يتعين على المسلم قراءة القرآن والاقتداء بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والتمسك بسيرته العطرة.

  • حالة الأمة ومعاناتها من الذل والانقسام

تؤثر هذه الأوضاع بشكل كبير على الأفراد، مما يجعلهم عرضة للاحتقار الذاتي بسبب مقارنتهم بقوة أعدائهم. ولكن، يجب أن نذكر أن هذا ليس نهاية المطاف، فعودة الفرد إلى الله ودينه ستعزز من كرامته وتُعيد له عزته.

  • أهمية التربية في هذا السياق

تلعب التربية دورًا أساسيًا في تكوين الشخصية. فرغم أهمية البيئة الأسرية والمدرسية والاجتماعية، إذا كانت التربية غير صحيحة ولا تؤهل الفرد للتعبير عن رأيه أو اتخاذ قراراته بنفسه، فإن ذلك قد يقود إلى تنمية جيل من الأفراد فاقدي الإرادة ومحتقرين لذاتهم.

Published
Categorized as إسلاميات