تعتبر معرفة نوع المادة المستخدمة في المختبرات أو حتى في الطهي ذات أهمية كبيرة، سواء في التفاعلات الكيميائية أو في الظروف الحياتية اليومية، مما يساعدنا على التعامل معها بالشكل الصحيح.
لم تكن خصائص الأحماض والقواعد معروفة جيدًا في العصور القديمة. خلال محاولاتهم لتصنيف المواد، استخدم الإغريق مجموعة متنوعة من الاختبارات لتحديد خصائص المركبات المختلفة. من هذه الأساليب، تم تصنيف المواد حسب طعمها، فكانوا يفصلون بينها في فئات مثل: حامضة، مرّة، مالحة، أو حلوة.
بدأ الإغريق في تسمية المواد الحامضة، مثل الخل وعصير الليمون، بالأحماض. يمثل مصطلح “حمض” و “أسيتيك” اشتقاقًا من الكلمة اللاتينية “أسيري” التي تعني “طعم حامض”. ومن الجدير بالذكر أن القواعد لم تحظ بدراسة شاملة في تلك الفترة.
خلال العصر الذهبي الإسلامي وعصر النهضة، بدأ الكيميائيون في اكتساب فهم أعمق لخصائص الأحماض، حيث اكتشفوا أن الأحماض القوية تؤدي إلى تآكل المعادن وتذوب بعض الصخور.
في العصور الوسطى، كان للخيميائيين في العصور الإسلامية مجموعة متنوعة من الأحماض والقواعد، مثل:
ابتكر العالم الإسباني أرنالدو دو فيلا نوفا تقنية استخدام ورق عباد الشمس لدراسة الأحماض والقواعد. وتم توسيع هذه الفكرة لاحقًا بواسطة روبرت بويل، الذي اكتشف أن بعض المواد المستخلصة من النباتات تغير لونها عند التفاعل مع الأحماض أو القواعد. مثال على ذلك هو شراب البنفسج، الذي يصبح أزرقًا في بيئة متعادلة لكنه يتحول إلى اللون الأخضر في وجود القواعد، وإلى الأحمر عند ملامسته للأحماض.
اخترع الكيميائي الدنماركي سورين سورنسن مقياس الأس الهيدروجيني لقياس درجة الحمضية. أثناء دراسته لنشاط الإنزيمات – البروتينات التي تحفز التفاعلات الكيميائية في الكائنات الحية – لاحظ أن حموضة المحلول تؤثر على قدرة الإنزيمات على تحفيز التفاعلات، مما يجعل الرقم الهيدروجيني وسيلة فعالة لقياس تركيز أيونات +H في المحلول المتاحة للمشاركة في التفاعل.
الرقم الهيدروجيني يتم حسابه من خلال الصيغة: [+H] log – = الرقم الهيدروجيني
يمتد مقياس الأس الهيدروجيني من 0 إلى 14:
بدأ العلماء بعد ذلك في وضع تعاريف دقيقة للأحماض والقواعد حسب سلوكها، مما أدى إلى تصنيفات ثلاث رئيسية وضعها كل من أرهينيوس، برونستد-لوري، ولويس، كما يلي:
كان الكيميائي السويدي سفانتي أرهينيوس (1859-1927) هو الكيميائي الذي درس الأحماض والقواعد ليضع المفهوم الأولي لها. حيث عرف:
الأحماض بأنها مواد تزيد من تركيز أيونات الهيدرونيوم (+H) في المحلول.
القواعد بأنها مواد تزيد من تركيز أيونات الهيدروكسيد (-OH) في المحلول. ومع أن أرهينيوس ساعد في توضيح المبادئ الأساسية للكيمياء الحمضية والقاعدية، إلا أن مفاهيمه كانت محدودة في تفسير سلوك بعض المواد مثل الأمونيا (NH3) التي تصرفت كقاعدة رغم عدم وجود مجموعة (-OH).
في عام 1923، نشر العلماء يوهانس برونستد (الدنماركي) وتوماس لوري (الإنجليزي) دراسات مستقلة وسعت من مفهوم أرهينيوس للأحماض والقواعد.
الأحماض تعتبر مانحة للبروتونات أيون (+H) بينما القواعد هي مستقبلات للبروتونات (+H).
تتضمن التفاعلات الحمضية القاعدية أزواجًا من أحماض وقواعد مترافقة. ومع ذلك، فإن هذه النظرية لم تتمكن من تفسير السلوك الحمضي القاعدي في المذيبات غير الحيوية مثل البنزين والديوكسان، كما لم تستطع تفسير التفاعلات بين الأكاسيد الحمضية والأساسية مثل CaO و BaO و MgO، إذ تحدث مثل هذه التفاعلات بدون وجود مذيب ودون نقل بروتون.
تعتبر نظرية لويس الأكثر شمولًا ودقة، حيث تنص على:
الأحماض ككونها مستقبلات لزوج الإلكترونات غير الرابطة، بينما القواعد هي مانحات لزوج الإلكترونات غير الرابطة.
تتلخص الخواص الكيميائية والفيزيائية للأحماض في النقاط التالية:
تظهر الخواص الكيميائية والفيزيائية للقواعد بما يلي:
أحدث التعليقات