وُلِد الإمام محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة المقدسي في شهر رجب من عام 755 هـ، وهناك آراء تشير إلى أنه وُلِد قبله أو بعده. يُعتبر الإمام ابن قدامة أحد العلماء الأذكياء والبارزين في المدرسة الحنبليّة، وهو كذلك إمام الفقهاء المحدّثين. تلقى تعليمه على يد التقي سليمان وابن سعد وأقرانهما، كما تعلّم من ابن مسلم، وتردد إلى شيخ الإسلام ابن تيمية. كان يتمتع بمهارات عالية في علم الحديث، وأصول الفقه، إضافةً إلى مجالات معرفية أخرى. ألف العديد من الكتب القيمة مثل “المغني في الفقه” و”الصّارم المنكيّ”، وحفظ القرآن الكريم قبل بلوغه، كما حفظ مختصراً من الخرقيّ وكتب الخط الجيد، ودرس على يد مشايخ مدينة دمشق قبل أن ينتقل إلى بغداد حيث أقام هناك لمدة أربع سنوات للدراسة على مشايخها.
عقب عودته من بغداد إلى دمشق، تولى الإمام ابن قدامة المقدسي الإمامة في جامع دمشق لفترة طويلة، ثم بدأ يؤم الناس في الجامع المظفري ويخطب في الجمعة كلما كان موجوداً. كان يتنفل بين صلاتي المغرب والعشاء بالقرب من محرابه، ويعود إلى منزله بعد صلاة العشاء، كما كان يكرم الفقراء ويدعوهم لتناول الطعام معه. كان دائم الابتسامة لوجه كل من يلتقي به، حتى أن الناس لقَّبوه بأنه “يُميت خصومه بابتسامته”. ذُكِر أنه ناظر ابن فضلان الشافعي المشهور في مناظرة، وتمكّن من التفوق عليه. لم يكن المقدسي، رحمه الله، يسعى إلى منافسة أصحاب الدنيا في شيئٍ من ملذاتها، بل كان يفضل الآخرين رغم احتياجه أكثر منهم.
تعددت آراء العلماء حول فضل ومكانة الإمام ابن قدامة، وفيما يلي بعض الشهادات التي تبرز مكانته:
أحدث التعليقات