تباينت آراء العلماء حول طبيعة إبليس، حيث انقسم الناس إلى فريقين في هذا الشأن. الفريق الأول يعتقد بأن إبليس من الملائكة، وهذا الرأي تبناه معظم المفسرين مثل البغوي، بالإضافة إلى بعض الصحابة مثل ابن مسعود وابن عباس، وكذلك التابعون كـ سعيد بن المسيب. كما تبنى هذا الرأي الشيخ أبو الحسن الأشعري والشيخ موفق الدين وأئمة المالكية وابن جرير الطبري. بينما الفريق الثاني يرى أن إبليس ينتمي إلى الجن، وقد أيد هذا الرأي ابن عباس في إحدى رواياته، وقتادة والحسن، وفضل هذا الرأي أيضاً أبو البقاء العكبري والزّمخشري والكواشي في تفسيراته.
استند مؤيدو فكرة أن إبليس من الملائكة إلى الاستثناء الذي ذكره الله تعالى في عدة مواضع من القرآن الكريم. فقد استثنى الله عز وجل إبليس من الملائكة الذين أُمروا بالسجود لآدم، مما يدل على وفاته لصفاته الملائكية. كما أن رب العزة قد استثناه من الطاعة التي خص بها ملائكته عندما أُمر بالسجود، وقد جاء ذلك في قوله تعالى: (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ). وقد رّد هذا الفريق على الأدلة التي يستند إليها القائلون بأنه من الجن، ومنها قوله تعالى: (إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)، مؤكدين بأن الجن كانوا نوعاً من الملائكة لكنهم خُلقوا من نار المُهل، بينما خُلق الملائكة من النور. كما اعتُبر إبليس رائداً لملائكة السماء الدنيا وكان من أكثرهم اجتهاداً وعلمًا، ولكنه عصى الله عندما طلب منه السجود لآدم، مما أدى إلى تحوله إلى شيطان.
استند مؤيدو فكرة أن إبليس من الجن إلى ظاهرة قوله تعالى: (إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)، حيث أوضح الله عز وجل اختلاف طبيعة إبليس عن الملائكة وأكد أن أصله من الجن. وقد تم التمييز بينه وبين الملائكة بسبب عصيانه ورفضه الامتثال لأمر الله عندما أُمرت الملائكة بالسجود لآدم. وإبليس اعتُبر من الملائكة لكونه كان يتعبد معهم، وبالتالي أُطلق عليه اسمهم كما يُنادى حليف القبيلة باسمها. ويُعتبر إبليس من الجن أيضاً نظراً لحصانة الملائكة من العصيان وامتثالهم لأوامر الله، كما جاء في قوله تعالى: (لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).
أحدث التعليقات