موسى عليه السّلام

يُعَدّ موسى عليه السلام من الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى إلى بني إسرائيل، وواجه العديد من التحديات خلال دعوته. كما جاء موسى -عليه السّلام- بمُعجزات يُظهر من خلالها صدق نبوته. وكان هدفه الرئيسي يتمثل في توجيه الناس إلى عبادة الله وحده، وتنزيهه عن الشرك. من بين تلك المعجزات كان عصاه، التي كانت تستخدم للرعي قبل أن يُكلّف بمهمة الرسالة. فقد أعطى الله تعالى تلك العصا ميزات خاصة جعلتها معجزةً، فحين ألقى موسى العصا، تحولت إلى أفعى. يقول الله تعالى: (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرَىٰ * قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَىٰ * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ * قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَىٰ).

الاسم والمولد والنَّسب

اسمه ونسبه

يُدعى موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السّلام، وأمّه تُسمى يوخابد أو أيارخا أو أياذخت، كما قيل بادونا. أمّا زوجته، التي زوّجها له شعيب عليه السلام، فهي صفورا بنت شعيب.

وقت ومكان ولادته

وُلِد موسى عليه السلام في مصر خلال عهد الفراعنة، وكان قد وُلِد بعد إبراهيم عليه السلام بـ425 سنة تقريباً، أي في حدود عام 1526 ميلادي. وقد وُلِد في وقت كان فيه فرعون يُعاني من هوس حول فقدان ملكه، حيث كان يأمر بقتل أبناء بني إسرائيل الذكور، خوفاً من نبوته التي تنبأ بها كهنة عصره. لكن الله ألهم أم موسى بإرضاعه، ثم صناعة تابوت له وإلقائه في النيل، فوفقاً لقضاء الله، وصل موسى إلى قصر فرعون الذي تبنّاه.

أمر الله سبحانه وتعالى فرعون أن يردّه إلى أمه، وبذلك نشأ موسى تحت رعاية فرعون وزوجته.

عصا موسى عليه السّلام

مكان وجود عصا موسى الآن

لا يوجد نص صريح أو دليل واضح يحدد موقع عصا موسى -عليه السّلام- في الوقت الحاضر. ومع ذلك، توجد بعض الروايات التي تشير إلى ظهورها في المستقبل كأحد علامات الساعة. وقد أشار بعض الباحثين إلى أنّ العصا قد احترقت عندما دمر موسى العجل، إذ زعم البعض أن السامري استخدم العصا في إحياء العجل نظراً لخصائصها المعجزة. كما تشير علامات الساعة الكبرى إلى خروج دابة من الأرض تتحدث إلى الناس، وتكون مع عصا موسى.

معجزات ومنافع عصا موسى عليه السلام

حققت عصا موسى -عليه السّلام- إنجازات مدهشة مقارنة ببقية المعجزات، باستثناء القرآن الذي أُرسل مع نبي الله محمد -عليه السّلام-. من بين إسهامات العصا:

• استخدم موسى -عليه السّلام- العصا كدعم خلال تنقلاته، واستند عليها أثناء وقوفه.
• كانت العصا تُساعده في حماية الأغنام من الحيوانات المفترسة.
• أظهرت العصا قدرة على التحدث مع موسى خلال رحلاته.
• كان لديه طرق عديدة لتحقيق احتياجاته، مثل الشرب من الآبار والمساعدة في العثور على الظل.
• جعلت العصا الثمار والورود تنمو من تلقاء نفسها بإذن الله.

قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع فرعون

كبر موسى في قصر فرعون، وفي يوم ما شهد مشادة بين أحد بني إسرائيل ورجل من أعداءه. عندما حاول مساعدة ابن جلدته، أودى الأمر بحياة المعتدي، مما أدى به إلى الهرب خوفًا من انتقام فرعون. مكث موسى في مدين لما يقارب عشر سنوات حتى أوحى الله له بأن يقوم بالدعوة لفرعون ولقومه إلى الإيمان بالله وحده. ومع ذلك، كذّب فرعون دعوته، وأصر على انتقاد آيات الله. لذلك، اقترح موسى مسابقة بينه وبين سحرة فرعون.

عندما بدأت المسابقة، ألقى موسى عصاه فابتلعت سحر السحرة، مما جعلهم يؤمنون بموسى. لكن فرعون قام بتهديدهم وأصدر أمرًا بقتلهم. ومع كل المعجزات التي جاء بها موسى، ظل فرعون في عناده.

عندما زادت الأمور سوءًا، أدرك فرعون أن موسى كان على حق، لكن أُُغلقت أمامه أبواب النجاة. في النهاية، غرق فرعون بعدما حاول أن يقاوم قدرة الله، وأُنقذ موسى وقومه. قال تعالى: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ.)

وفاته

توفي موسى عليه السلام بعد أن بلغ من العمر 120 سنة. وقد ورد في الأحاديث أن ملك الموت جاء ليقبض روحه، وعندما حدث ذلك تعرض ملك الموت للضرب من موسى. وعاد بعد ذلك إلى الله ليخبره بعدم رغبة موسى في الموت. فأمره الله أن يخبر موسى بأنه سيتم منحه من життя بقدر ما تغطي راحة كفه من شعر إن وضعها على ظهر ثور. ولكن موسى رفض، ثم طلب أن يقبض روحه.

قال أبى هريرة رضي الله عنه: (أُرسل ملك الموت إلى موسى، فلما جاءه صكّه، فرجع إلى ربه، فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، فأمره الله أن يرغب فيه بمحبة الموت.) ومن ثم توفي موسى ودفن في الأرض المقدسة.