أوضح البخاري في صحيحه أن سيدنا موسى دفن بالقرب من الكثيب الأحمر في الأرض المقدسة. وقد ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “سَأَلَ اللَّهَ أن يُدْنِيَهُ مِنَ الأرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بحَجَرٍ، فلو كنتُ هناك لأريتُكم قبره، بجانب الطريق، عند الكثيب الأحمر.”
وفي رواية أخرى، أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى فضل سيدنا موسى -عليه السلام- قائلاً: “مررتُ على موسى ليلة الإسراء عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي في قبره.”
لا يزال وصف الكثيب الأحمر في الأراضي المقدسة موضوعاً للنقاش بين المؤرخين والعلماء، إذ تختلف آراؤهم حول معناه وحدود الأرض المقدسة المشار إليها. ولم يثبت نص شرعي يحدد مكان هذه البقعة بدقة، حيث يرى العلماء أن القبر الوحيد المتفق عليه هو قبر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وأشار ابن تيمية إلى عدم وجود فائدة شرعية في معرفة أماكن قبور الأنبياء، مؤكداً أن معرفة ذلك لا ينبني عليه أحكام شرعية، مضيفاً: “لو كان من الدين لحفظه الله كما حفظ باقي الدين، خاصة أن عامة من يسأل عن ذلك يقصد الصلاة والدعاء عندها، وهو أمر من البدع المنهي عنها.”
تنوعت آراء العلماء والمؤرخين حول تحديد موقع الكثيب الأحمر الذي أشار إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفيما يلي توضيح لذلك:
يعتقد بعض العلماء أن مكان قبر النبي موسى -عليه السلام- غير معروف، وورد عن ابن عباس أنه لم يعرف مكان قبره ولا قبر أخيه هارون. وقد قال: “لو علمت اليهود قبر موسى وهارون لتخذوهما إلهين من دون الله”، كما أشار مجير الدين الحنبلي إلى أن “موسى توفي، ولم يعرف أحد من بني إسرائيل مكان قبره، أو أين توجّه.”
يرى ابن عاشور أن سيدنا موسى -عليه السلام- مدفون في جبل نيبو بالقرب من أريحا، ولكن الموقع المحدد غير معروف كما ينص الكتاب المقدس. فكان موسى -عليه السلام- يدرك قرب وفاته، وكان واقفاً على هذا الجبل في اللحظات الأخيرة من حياته.
يقع جبل نيبو في الأردن، تحديداً في محافظة مأدبا، ويحتوي على مزار يُعتقد أنه مقام سيدنا موسى -عليه السلام-. ويُظهر ذلك إمكانية رؤية الأراضي المقدسة والمسجد الأقصى من فوق هذا الجبل، مما يتماشى مع الحديث حول قرب الكثيب الأحمر من الأراضي المقدسة.
يرجح بعض العلماء أن قبر سيدنا موسى -عليه السلام- قد يقع في فلسطين أو بالقرب منها، حيث تباينت وجهات نظر العلماء حول حدود الأراضي المقدسة المقصودة، ومن أبرز تلك الآراء:
أحدث التعليقات