يجسد مسجد القبلتين موقعاً تاريخياً بارزاً، حيث يقع في الجهة الشمالية الغربية من المدينة المنورة. يتميز المسجد بموقعه المرتفع على ربوة مطلة على حرّة الوبرة، قرب وادي العقيق، ويبتعد عن المسجد النبوي بنحو خمسة كيلومترات.
تأسس هذا المسجد في عهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في السنة الثانية من الهجرة، من قبل قبيلة بني سواد بن غنم بن كعب، حيث استُخدم في البناء الطين والسعف وجذوع النخيل. يعتبر المسجد رمزاً عميق الأهمية في الدين الإسلامي وتاريخ الأمة الإسلامية.
في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُقيمًا في منازل بني سلمة، وعند حلول وقت صلاة الظهر، بدأ يصلي ركعتين، ثم أمره الله بالتحول من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام حيث كان في الركعة الثانية وعندما علم المسلمون بأمره تحولت معهم القبلة. لهذا السبب، أطلق على المسجد لقب “مسجد القبلتين”، لكونه شهد الصلاة نحو قبلتين: المسجد الأقصى أولاً، ثم المسجد الحرام.
أما البراء بن عازب -رضي الله عنه- فقد روى أن أول صلاة صليت نحو الكعبة كانت صلاة العصر، مما يشير إلى أن تلك الصلاة كانت كاملة نحو الكعبة.
يذكر البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما قدم المدينة، صلى نحو بيت المقدس لمدة تتراوح بين ستة عشر إلى سبعة عشر شهراً. وكان النبي يحلم بالتوجه نحو الكعبة، حتى أنزل الله -تعالى- قوله: “قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاه”، وبهذا تم توجيه المسلمين نحو الكعبة.
وفي أثناء صلاة العصر، صلّى النبي مع رجل ثم شهد الأنصار ذلك التحويل بينما كانوا في الركوع. وقد قال الله -تعالى- في كتابه: “ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات”.
تعكس هذه الآيات حكمة الله في جعل قبلة لكل أمة، فكانت لليهود قبلة وللنصارى قبلة، ولهذا جعل الله -تعالى- للمسلمين قبلة أيضاً. وعلى الرغم من أن القبلة ليست ركنًا من أركان الدين، إلا أنها كانت وسيلة للتنافس في الخيرات.
وفي يوم القيامة، سيجمع الله الناس ليحاسبهم على أعمالهم، فهو القادر على كل شيء. وقد ورد الأمر بتحويل القبلة في أكثر من مرة لتأكيد أهمية هذا التوجه في مختلف الأوقات والأماكن، سواء كانت في الحضر أو في السفر، مما يشير إلى الحقائق التي ينبغي على المؤمنين أن يلتزموا بها.
أحدث التعليقات