أصحاب الكهف هم مجموعة من الشباب الأبرار من قومهم الذين آمنوا بالله وحده وانطلقوا لتوحيده، بعد أن أنعم الله عليهم بكشف الغفلة عن قلوبهم، في عصر الملك الروماني دقيانوس الذي كان يعبد الأصنام خلال فترة انتشار رسالة سيدنا عيسى -عليه السلام-. قرر هؤلاء الفتية الهروب من مجتمعهم بسبب الخوف على دينهم، وهو توحيد الله، تاركين وراءهم بني قومهم الذين كانوا يعبدون الأوثان. قال تعالى: (إذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا* فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا).
بعد أن حسم الفتية قرارهم بالهروب لحماية دينهم، لجأوا إلى كهفٍ واسع أكرمهم الله برحمته فيه. حيث ألقى الله عليهم النوم ليمنحهم السكينة والطمأنينة على مدى ثلاثمائة وتسع سنوات. وقد اختلف المؤرخون وعلماء الآثار حول الموقع الدقيق لهذا الكهف، فهناك من يرى أنه في تركيا، وآخرون يرون أنه في سوريا أو اليمن، وأشارت بعض الدراسات إلى أنه قد يكون في الأردن.
كان العديد من الباحثين يميلون إلى الافتراض بأن كهف الرقيم، الموجود في قرية الراجيب بالقرب من منطقة سحاب جنوبي العاصمة الأردنية عمّان، هو الكهف المذكور في القرآن. وقد دعم هذا الرأي وجود مسجد أعلى الكهف، كما ورد في قوله تعالى: (فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا).
نزلت في كتاب الله -عز وجل- سورة كاملة اسمها الكهف، تناولت قصة الفتية الذين فروا بدينهم. ومع ذلك، لم تحدد الآيات عددهم بالتأكيد. قيل إنهم كانوا ثلاثة، مع كلبهم الذي يُعتبر رابعهم، بينما ذُكر أيضاً أنهم خمسة، مع كلبهم سادسهم، وهناك من قال إنهم كانوا سبعة، وكلبهم هو الثامن.
ومهما كان عددهم، فإن علمهم عند الله، ولكن ينبغي علينا الاستفادة من العبر والمواعظ التي تتضمنها هذه القصة. ففي هذه الأحداث تُظهر رحمة الله ولطفه، كيف تولى حفظهم لثلاثمئة وتسع سنوات بواسطة ملائكة تسهر على راحتهم وتقلب أجسادهم، حتى لا تتعرض للفساد أو الأذى. وقد حال الله بينهم وبين الحاكم وأعوانه، فلم يجرؤ أحد على دخول كهفهم. فمن يصدق الله ويؤمن به يصدقه الله ويحميه.
تحتوي قصة أصحاب الكهف على العديد من الدروس والعبر، ومن أبرزها:
أحدث التعليقات