تُعَدُّ القارة الأوروبية واحدة من أقدم قارات العالم، حيث استضافت العديد من الحضارات والأمم التي تركت بصماتها الواضحة حتى يومنا هذا. تتمتع معظم الدول الأوروبية بتصاميم معمارية فريدة من نوعها، بما في ذلك الكنائس والقلاع، فضلاً عن القصور المنتشرة في معظم أرجاء القارة. من بين هذه المعالم البارزة قصر بيترهوف في روسيا، وقصر ويندسور في بريطانيا، وقصر شونبرون في النمسا، وقصر الاسكورلاي في إسبانيا. ومن بين هذه القصور القيمة، يبرز قصر فرساي كأحد أبرز القصور في أوروبا، والذي سيكون محور حديثنا هنا.
يقع قصر فرساي في ضاحية فرساي الفرنسية، المعروفة بموقعها غرب العاصمة باريس، على بُعد 25 كيلومتراً منها. قبل بناء القصر، كانت المنطقة تعتبر مجرد قرية صغيرة، لكن بفضل إنشائه تحولت إلى إحدى الضواحي الثرية والهامة في فرنسا. يُعتبر قصر فرساي من أبرز القصور الملكية في العالم، حيث يعكس عظمة ورقي العمارة الفرنسية، سواء من خلال تصاميمه الخارجية الفاخرة، أو الأثاث والتحف الموجودة داخله، أو من خلال الرمزية التاريخية والأحداث الثورية التي شهدها، حيث أُطلق عليه لقب “مهد الحرية”.
بدأ بناء قصر فرساي لأول مرة في عام 1624م في عهد الملك لويس الثالث عشر، حيث كانت الفكرة في البداية أن يكون استراحة للملك خلال رحلاته للصيد في غابات فرساي. وكان القصر في بداياته عبارة عن منزل صغير مبني بالطوب الأحمر. في العام 1632م، قام الملك لويس الثالث عشر بشراء الأراضي المحيطة واستدعى توسيع المنشأة، لكن القصر تحول إلى مبنى ملكي حقيقي في زمن الملك لويس الرابع عشر عام 1682م، حيث عاش فيه مع أسرته مع أكثر من 20,000 شخص ما بين أسر حاكمة وخدم.
ظلت فرساي لعدة عقود مركز الحكم الملكي في فرنسا، حيث شهدت فترة حكم العديد من الملوك. لكن الملك الأخير الذي أقام فيه كان لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت، اللذان تم إعدامهما خلال الثورة الفرنسية عام 1789م. بعد ذلك، تم بيع العديد من التحف والقطع الفنية الموجودة في القصر، وتم إغلاقه نهائيًا عام 1833م. إلا أن الملك فيليب قام بتحويله إلى متحف عام 1837م، ونُقل مركز الحكم إلى العاصمة. ومن الجدير بالذكر أن القصر تم إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي من قبل اليونسكو.
أحدث التعليقات