كلمة “طمية” مستمدة من الفعل “طمى يطمي طمياً”، وتستخدم للدلالة على الهضبة أو العين. وفقاً لروايات ابن الكلبي عن الشرقي، فإن طمية هي جبل يقع في طريق مكة المكرمة مقابل “فايد”، وقد سُمي بهذا الاسم نسبةً إلى طمية بنت جام بن جُمّى بن تراوة من قبيلة بني عمليق. وفي الروايات المتداولة عن أبي عبدالله السكوني، يُقال إنه عند مغادرة الفرد من حاجر في اتجاه مكة، يمكنه رؤية جبل طمية، وهو جبل في نجد يوجد شرقي الطريق، بالإضافة إلى ظهور جبل عُكّاش الذي قيل إنه شقيق طمية.
كما يروي الأدباء أن طمية تشكل هضبة تقع بين سميراء وتوز في يسار طريق الحجاج عند الصعود، وعلى اليمين عند النزول. وهناك من يُشير إلى أن طمية هي جبل يُنسب إلى بني فزارة، حيث يُعتقد أنه في أحد نواحي نجد. وفقاً لما قاله الأصمعي، تعد طمية جزءاً من بلاد فزارة، ذُكر في كتاب النصر أن طمية جبل يقع في أراضي قبيلة أسد، وهو قريب من جبل آخر. كما قيل إن طمية هي منطقة تقع غرب النيل باتجاه الفسطاط، وهي منطقة معروفة للمتعاطين بالنيل في مصر.
يستقر جبل طمية بالقرب من أم الدوم، ويبعد عن محافظة الطائف حوالي 200 كيلومتر إلى الشمال، وتحديداً في منطقة حفر كشب، وهو مكان يتجه شمالاً نحو المدينة المنورة ومهد الذهب. عُرفت العديد من الأساطير والحكايات المتعلقة بجبل طمية، إذ يُعتقد أنه نُزع من مكانه، وسُميت المنطقة التي احتضنته بمقلع طمية أو فوهة الوعبة. تم تحديد موقع جبل طمية حديثاً في منطقة القصيم بالمملكة العربية السعودية.
يرتفع جبل طمية بمقدار 1311 متراً عن مستوى سطح البحر. وفقاً للبيانات الصادرة عن الوكالة الوطنية للمخابرات الجغرافية، يقع الجبل على خط عرض 25° 36′ 15″ شمالاً، وعلى خط طول 42° 00′ 01″ شرقاً. وبالنسبة لخطوط العرض بالدرجات العشرية، فإن الجبل يقع عند 25.604167 درجة، ولخطوط الطول 42.000278 درجة.
مقلع طمية، المعروف أيضاً بفوهة الوعبة، هو حفرة دائرية عميقة تصل إلى عمق 380 متراً وقطر 3 كيلومترات. يبعد مقلع طمية حوالي 6 كيلومترات شمال قرية حفر كشب، و30 كيلومتراً شمال قرية أم الدوم في محافظة الطائف. تُعتبر فوهة الوعبة مَعلماً أثرياً مهماً في المملكة، حيث تشكلت بفعل العوامل الطبيعية المختلفة. أُشير إلى الحفرة في العديد من الأساطير، حيث اعتقد البعض أنها ناتجة عن سقوط نيزك أو انفجار بركاني. وفي دراسة أجراها فريق من جامعة الطائف تحت عنوان “الخسف الكبير بمنطقة مقلع طمية”، تم الكشف عن وجود مخلفات بركانية، مما دعا للقول بأن تكوين الحفرة ناجم عن نشاط بركاني.
تناولت الأدب العربي الحديث أيضاً هذا الموضوع، ومن بين الأدباء الأمير خالد الفيصل الذي نظم قصيدة عن جمال المنطقة خلال زيارته للمقلع. يبرز في وسط فوهة الوعبة طبقة بيضاء، تُعزى إلى المياه المتجمعة التي سببت بحيرة صغيرة، حيث تبخرت مياهها لتتشكل تلك الطبقة.
أما المناظر المحيطة بالفوهة فتعكس جمالاً طبيعياً، حيث يحيط بها أشجار الدوم والنخيل وطرائف من النباتات العشبية. وفي قاع الحفرة، توجد أعشاب وصخور طبيعية، وكلما اقترب الزائر من مركز الحفرة، تقل كثافة الأعشاب والأشجار، وصولاً إلى المنطقة البيضاء الملحية، كما تندمج في الأسفل شلالات صغيرة نتيجة الأمطار.
تتناول إحدى الأساطير حكاية طمية ذات اللون الأسود المحمر التي أحبت جبلاً آخر يدعى قطن، والذي يتسم بلونه الأبيض ويقع شمال طمية، بفاصلٍ من الكيلومترات. تُشير الأسطورة إلى أن طمية انتزعت نفسها من مكانها الأصلي وتركته لتسلك دربها نحو جبل قطن. وفي طريقها، تركت خلفها آثار خطواتها من صخور. وبحسب الرواية، فإن جبل عكاش، وهو جبل آخر، عشق طمية ورغب في منعها من الوصول إلى قطن، فأرسل رمحه ليعرقلها.
تذكر الأسطورة أيضاً أنه قد تكونت علاقة عشق بين طمية وجبل آخر يُعرف بجبل أبان في منطقة حائل، وفي بعض الروايات قيل إن جبل عكاش تزوج طمية في نهاية المطاف. بغض النظر عن طبيعة هذه الأسطورة، إلا أنها تعكس تعبيراً اجتماعياً حول قدرة المرأة في التعبير عن مشاعرها، وقد تم تسليط الضوء على تقاليد المجتمع في تلك الحقبة.
تعود الأسطورة إلى وصف موقف يعبر عن الصراع بين حب المرأة واحتلال ابن العم لمكانتها، مما يبرز دور عكاش في محاولته منع طمية من الوصول إلى قطن. تُعتبر هذه الأسطورة تجسيداً لهوية القبيلة وتاريخها، وقد أُشير لها في كتب التاريخ والمعاجم، حيث تشكل علاقة الحب هذه جزءاً من التراث الشعبي.
أحدث التعليقات