أين يقع جبل طارق ولماذا يُعتبر مهمًا؟

موقع جبل طارق

يعتبر جبل طارق (بالإنجليزية: Gibraltar) منطقة ذات حكم ذاتي تحت السيادة البريطانية، ويقع في أقصى جنوب شبه جزيرة إيبيريا، في جنوب غرب قارة أوروبا. يشرف هذا الموقع على مضيق جبل طارق الذي يربط بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي الشمالي، حيث تحده إسبانيا من الشمال. منذ افتتاح قناة السويس في عام 1869م، ازدادت الأهمية الاستراتيجية لجبل طارق، وأصبح ميناءً تجاريًا حيويًا.

جغرافية جبل طارق

تمتد منطقة جبل طارق على مساحة تبلغ حوالي 6 كيلومترات مربع، وتتميز بتضاريس جبلية تتكون من صخور جيرية وصخور زيتية. تظهر هذه التلال كسلسلة من المنحدرات، يزداد انحدارها بشكل ملحوظ في الجانب الغربي. ومن الملاحظ أن المنطقة تفتقر تمامًا إلى الينابيع والأنهار، حيث يعتمد سكانها على الآبار لجمع مياه الأمطار.

أما التنوع البيولوجي في جبل طارق، فهو يضم أكثر من 500 نوع من النباتات المزهرة، وتوجد فيه أشجار الزيتون والصنوبر البرية، بالإضافة إلى مجموعة من الحيوانات مثل الأرانب والثعالب وقرود المكاك، ويُعتبر جبل طارق الموطن الوحيد لطائر الحجل البربري في أوروبا.

مناخ جبل طارق

يشتهر مناخ جبل طارق بكونه دافئًا ومعتدلًا، حيث يُقدّر متوسط درجات الحرارة بحوالي 17.6 درجة مئوية. تبلغ درجات الحرارة ذروتها في شهر أغسطس، حيث تصل إلى حوالي 24.8 درجة مئوية، بينما تنخفض في يناير لتصل إلى حوالي 11.8 درجة مئوية.

بالنسبة لهطول الأمطار، فالمعدل السنوي يصل إلى حوالي 686 ملم. تبدأ فترة الصيف في نهاية يونيو وتنتهي في سبتمبر، مما يجعل الأشهر من يونيو حتى سبتمبر الوقت المثالي لزيارة جبل طارق.

سكان جبل طارق

بلغ عدد سكان جبل طارق وفقًا لآخر إحصاءات عام 2023م حوالي 32,691 نسمة، بينما تُقدّر الكثافة السكانية بحوالي 3,268.8 نسمة لكل كيلومتر مربع. تجاوز معدل النمو السكاني 0.03%، إلا أنه من المتوقع أن يستمر هذا المعدل في التراجع ليصل إلى -0.02% في عام 2030م، و-0.35% في عام 2050م.

يمثل السكان الأصليون حوالي أربعة أخماس سكان المنطقة، في حين أن البقية تتضمن أجانب مُقيمين وعائلات أفراد الجيش البريطاني، إذ تُشكل الجاليات المغربية والهندية النسبة الأكبر بين السكان الأجانب. ومن الناحية الدينية، يُعتبر معظم سكان جبل طارق من الروم الكاثوليك، واللغة الرسمية هي الإنجليزية التي تُستخدم في المعاملات الحكومية والتعليم، بالإضافة إلى أن العديد من السكان يتحدثون الإنجليزية والإسبانية.

تاريخ جبل طارق

تُعد منطقة جبل طارق من المناطق القديمة التي شهدت الاستيطان منذ فترة بعيدة، حيث كانت الفينيقيون من أوائل الشعوب التي سكنت هذه المنطقة عام 950 ق.م. وفيما بعد، أسس الرومان مستعمرة هناك، واستمرت حتى سقوط الإمبراطورية الرومانية، ثم انضمت إلى المملكة الإسبانية حتى الفتح الإسلامي.

جبل طارق في العصر الإسلامي

عبر المسلمون من المغرب إلى جبل طارق في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بقيادة القائد طارق بن زياد عام 711م، ولقيت المنطقة استقرارًا لمدة أربعة قرون دون أي تغييرات ملحوظة. في عام 1150م، قام السلطان الموحدي عبد المؤمن ببناء مدينة في جبل طارق وتحصينها، وما زالت آثار المعمار الرباطي موجودة حتى اليوم.

لاحقًا، انضمت المنطقة إلى مملكة غرناطة، واستمر ذلك حتى عام 1309م، عندما هاجم الجيش الإسباني المدينة وظلت تحت سيطرته حتى عام 1333م، عندما أعيد تحريرها على يد قبيلة بني مرين. وعندما أعادت هذه القبيلة المدينة إلى مملكة غرناطة في عام 1374م، استمر الحكم حتى سقوط المدينة بشكل نهائي في يد الإسبان عام 1462م، مما أدى إلى انتهاء الحكم الإسلامي عليها.

جبل طارق في العصر الإسباني

تم ضم جبل طارق إلى تاج إسبانيا عام 1501م، ومن أبرز المعارك التي خاضت في المنطقة كانت المعركة البحرية بين الأسطول الهولندي والأسطول الإسباني في عام 1704م، والتي أدت إلى تدمير الأسطول الإسباني المتمركز هناك واستمرت لأكثر من خمس ساعات.

وفي نفس العام، استولت بريطانيا على جبل طارق، وتنازلت إسبانيا رسميًا عنه لبريطانيا بموجب شروط معاهدة أوترخت عام 1713م. وعلى الرغم من محاولات استعادة إسبانيا للمنطقة، إلا أنها باءت بالفشل، وفي عام 1830م، أصبح جبل طارق مستعمرة خاضعة للتاج البريطاني.

جبل طارق في العصر الحديث

خدم جبل طارق كنقطة تجمع استراتيجية لقوات الحلفاء خلال الحربين العالميتين، وفي الستينيات من القرن العشرين، طالبت الحكومة الإسبانية بإنهاء الاستعمار البريطاني للمنطقة. وقد أُجري استفتاء بين سكان المنطقة لاختيار السيادة الإسبانية أو البريطانية، حيث كانت النتائج لصالح بريطانيا بأغلبية كبيرة، التي منحت جبل طارق حكمًا ذاتيًا داخليًا كاملًا.

استمر جبل طارق مصدراً للخلافات بين الحكومتين الإسبانية والبريطانية. في عام 2004م، تم إنشاء منتدى ثلاثي للحوار ضم ممثلين عن الحكومات الثلاث لتخفيف التوترات المحيطة بالمنطقة. وفي عام 2013م، أدى النزاع حول حقوق الصيد إلى زيادة الحكومة الإسبانية الرقابة على الحدود، مما قوبل بانتقادات من بريطانيا باعتباره انتهاكًا لقوانين الاتحاد الأوروبي المتعلقة بحرية التنقل.

Published
Categorized as معلومات عامة