تعددت الآراء حول الموقع الذي أُلقي فيه النبي يوسف -عليه السلام- في البئر. حيث يرى بعض العلماء أن هذا البئر يقع في بيت المقدس، بينما تشير روايات أخرى إلى أنه في منطقة طبريَّا، أو ربما في أراضي الأردن. وهناك روايات تتحدث عن أن البئر يتواجد بين أرض مدين وأرض مصر. وقد ذكر بعض العلماء أن الجب الذي أُلقي فيه يوسف -عليه السلام- يبعد بمقدار ثلاثة فراسخ عن مكان إقامة والده يعقوب -عليه السلام-، الذي كان في منطقة كنعان القريبة من الأردن. بينما يُرجح آخرون أن بئر يوسف قد يكون في قرية صفد بفلسطين، والذي يُعرف باسم بئر يوسف.
كان يوسف -عليه السلام- يتمتع بمكانة خاصة عند والده يعقوب -عليه السلام-، إذ وُلِدَ يوسف مع أخيه بنيامين من زوجته راحيل، التي تزوجها يعقوب بعد وفاة أختها. وقد نتج عن ذلك خلافات بين الأشقاء، حيث شعروا بالغيرة من تفضيل والدهم ليوسف وأخيه. يقول الله -تعالى-: (إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ).
لذا، اتفق إخوة يوسف على طريقة للتخلص منه، فقرروا إلقاءه في قاع بئر دون أن يموت، عسى أن يتبنى أحد المارة الغلام ويأخذه بعيدًا، مما يعزز مكانتهم عند والدهم. طلبوا من والدهم أن يأخذهم يوسف من أجل اللهو، لكن الأب كان حذرًا ورفض بدايةً خوفًا من أن يتعرض يوسف لخطر، لكنهم أقسموا له بالعناية به.
عندما وصلوا إلى وجهتهم، ألقوا يوسف في البئر. وعادوا إلى والدهم يبكون لكي لا يكتشف كذبهم، ثم أحضروا قميصه الملطخ بدم مزيف ليقنعوا والدهم بأن يوسف قد أكله الذئب. لكن والدهم لم يصدق روايتهم وفوض أمره إلى الله -تعالى-.
ظل يوسف -عليه السلام- في البئر لعدة أيام، وكان إخواته يترددون على المكان بين الحين والآخر. وفي ذات يوم، كانت هناك قافلة قادمة من أرض مدين متجهة إلى مصر، فأرسلوا أحدهم لجلب الماء من البئر. وما أن ألقى دلوه في البئر حتى تعلق فيه يوسف -عليه السلام-، فكان فرحت الرجل عظيمة عندما خرج برؤية الغلام، يقول الله -تعالى-: (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً).
لكن إخوة يوسف تصرفوا بسرعة وأرادوا بيعه للرجل بثمن بخس. فاشتراه منهم، ثم أخفوه عن رفاقه في القافلة، وأخذوه معهم إلى مصر. وعندما وصلوا، باعوه لعزيز مصر، وأوصى زوجته بالاعتناء به ليستفيدوا من خدماته، يقول الله -تعالى-: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا).
أحدث التعليقات