يعتبر الوادي المقدس طوى من المعالم الهامة المذكورة في جميع الديانات السماوية. وقد شهد هذا الوادي مرور عدد من أنبياء الله تعالى، حيث تم ذكره في العديد من المواضع في القرآن الكريم، بالإضافة إلى الإنجيل والتوراة. يُعد هذا الوادي مكانًا مباركًا ومشرفًا، حيث تلقي سيدنا موسى الوصايا العشر فيه. سنستعرض في هذا المقال موقع الوادي المقدس طوى، وأهميته الدينية، بالإضافة إلى جوانب السياحة فيه.
يشغل الوادي المقدس طوى موقعًا في جمهورية مصر العربية، تحديدًا في جزيرة سيناء. يرتفع بمقدار 2285 مترًا عن مستوى سطح البحر، ويجاوره جبل سانت كاترين الذي يُعتبر أعلى قمة جبلية في البلاد، حيث يبلغ ارتفاعه 2629 مترًا. يحيط الوادي سلاسل جبلية مهيبة من كل جهة، وفي أسفل الوادي تقع كنيسة العذراء. يتكون الوادي المقدس من مجموعة من القمم الجبلية التي تُضفي عليه جمالًا خاصًا.
يمتاز الوادي المقدس طوى بأهمية دينية كبيرة تعد مقدسة بالنسبة لجميع الأديان السماوية. ويمكن استنتاج هذه المكانة من خلال قصة سيدنا موسى عليه السلام، التي جرى تناولها في عدة آيات بالقرآن الكريم. تبرز القصة تكليم الله تعالى لسيدنا موسى ونشوء حوار بينهما، حيث مر موسى مع عائلته من الوادي المقدس طوى، ورأى من بعيد النار المشتعلة، فأمر عائلته بالتوقف في المكان، ثم عاد إلى مصدر النار وسمع كلام الله، حيث قال تعالى: (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [القصص: 29-30].
يُعد الوادي المقدس طوى من الوجهات السياحية التي تحظى بإقبال كبير من الزوار. يتسلق السياح الوادي عبر مجموعة من الطرق، من بينها الدرج الشهير المكون من 3,750 خطوة والمعروف بخطوات الندم، والذي نُحت بفن على يد رهبان دير سانت كاترين، الواقع بجوار السفح الشمالي الشرقي للجبل. غالبًا ما يقوم الزوار بالتسلق ليلاً للوصول إلى قمة الجبل مع بزوغ شمس الصباح.
يمكن الوصول إلى هذا الدرج سيرا على الأقدام أو على ظهر الجمل، حيث تستغرق الزيارة حوالي ساعتين سيرا على الأقدام. خلال الرحلة، يلتقي الزوار ببائعي المياه والمواد الغذائية، وتتوفر لهم أماكن للراحة قبل الوصول إلى مدرج طبيعي يُعرف باسم حكماء إسرائيل السبعة. من تلك النقطة يتوجب على الزائر السير سبعمائة وخمسين خطوة أخرى للوصول إلى القمة.
على القمة، يوجد مكان مغلق أمام الزوار، وهو كنيسة الثالوث الأقدس التي أُسست عام 1934م. يُعتقد أن سيدنا موسى قد انتظر في هذا الموقع لاستقبال الألواح. وعند بلوغ قمة الوادي المقدس طوى، سيشعر الزائر بالدهشة من المشهد الساحر الذي يحيط به، والذي يتضمن السلاسل الجبلية المحيطة والوديان المتعددة، إضافةً إلى رؤية العديد من الآثار الثقافية المتواجدة في المنطقة.
أحدث التعليقات