البحر الأبيض المتوسط: لمحة عامة

يعتبر البحر الأبيض المتوسط أحد امتدادات المحيط الأطلسي، ولكن هناك من يعتبره جسماً مائياً منفصلاً بشكل كامل. يُعد البحر الأبيض المتوسط البحر الوحيد الذي تحيط به سواحل ثلاث قارات: أوروبا وآسيا وأفريقيا. إذ تحده من الشرق قارة آسيا، ومن الشمال قارة أوروبا، ومن الجنوب قارة أفريقيا. ومن الدول الإفريقية الواقعة على ضفافه نجد مصر وتونس والجزائر والمغرب، بينما تشمل الدول الأوروبية التي تطل عليه كلاً من اليونان وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا. أما الجهات الآسيوية التي تواجه البحر فهي فلسطين ولبنان وسوريا. ويعتبر مضيق جبل طارق هو الممر المائي الفاصل بين مياه البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي.

أسباب التسمية

تشير التسمية التاريخية للبحر الأبيض المتوسط إلى مجموعة من الأسماء التي أُطلقت عليه عبر العصور. فقد عُرف في العهد الروماني ببحر الروم، وفي الحقبة الإسلامية أطلق عليه العرب اسم البحر الشامي. وقد أطلق عليه الأوروبيون اسم البحر المتوسط نظراً لموقعه المركزي بين القارات الثلاث ولفصله بينها. كما أطلق عليه الأتراك اسم البحر الأبيض بسبب الرغوة البيضاء التي تتكون على سطح أمواجه. ولهذا تمت دمج كلا التسميتين لتصبح البحر الأبيض المتوسط، بينما أُطلق على قسمه الغربي لفترة طويلة اسم البحر المغربي.

تاريخ البحر الأبيض المتوسط

موقع البحر الأبيض المتوسط الاستراتيجي جعله واحداً من أبرز الطرق التي يسلكها المسافرون والتجار بين القارات الثلاث. وقد ساهم ذلك في تعزيز التفاعل الثقافي بين العديد من الحضارات، بما في ذلك حضارة ما بين النهرين، والحضارة الفرعونية القديمة، والفينيقيين، واليونانيين، والرومان، والحضارة العربية والعثمانية. كما هيأ الموقع الظروف الملائمة لنقل البضائع بين الدول، حيث كان يمثل طريقاً حيوياً للبضائع المتجهة من الهند إلى الدول الأوروبية. ولم يقتصر دور البحر الأبيض المتوسط على التنقل فحسب، بل كان مصدراً هاماً للرزق للسكان الذين يعيشون على سواحله، حيث كان ولا يزال مصدراً غنياً بالأسماك، بالإضافة إلى دوره في الحروب والاستعمار الأوروبي حول العالم.

الخصائص الجغرافية للبحر الأبيض المتوسط

تُعتبر ظاهرة الجزر والمد أقل شدة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط مقارنة بمناطق أخرى، ويرجع ذلك إلى الاتصال الضيق بين البحر والمحيط الأطلسي عبر مضيق جبل طارق، الذي يمنع دخول مياه المحيط ويقي البحر من الفيضانات المدمرة. كما تتأثر المناطق القريبة من ساحل البحر الأبيض المتوسط بالظروف المناخية المعتدلة في الجزء الشرقي، والباردة في الجزء الغربي. ونتيجة للاختلافات المناخية بين الجزئين، يتزايد معدل تبخر المياه في الجانب الشرقي بينما يقل في الغربي.