عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم، المعروف بلقب أبي حفص الأشجّ، هو أحد أبرز الخلفاء الأمويين. وُلد في المدينة المنورة في السنة الثالثة والستين من الهجرة. كان والده قد تولّى حكم مصر لعدة سنوات، حيث أرسله من مصر إلى المدينة لطلب العلم من العلماء.
لقب بـ”خامس الخلفاء الراشدين” بفضل اتباعه نهج الخلفاء الراشدين في إدارة شؤون الدولة وقيادة الرعية، مما يجعله رمزًا للعدل والحكمة في الحكم.
نشأ عمر بن عبد العزيز في المدينة المنورة في عائلة تمتاز بالثراء، وكان والده واليًا لمصر لفترة طويلة، بينما عُرف عمه عبد الملك بخلافته الواسعة في الشرق والغرب وكان من حفّاظ القرآن الكريم. تلقى علومه على يد شخصيات بارزة مثل عبادة بن الصامت وعبد الله بن عمر، إضافةً إلى العديد من التابعين مثل سعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله الذي يعتبر أكثر الأسماء التي روى عنها عمر.
اتسعت معرفته لتشمل العلوم الدينية بالإضافة إلى اللغة العربية والشعر. وعندما تولى والده خلافة مصر، دعا والدته للقدوم إليه، ولكنها استأذنت أخاها عبد الله بن عمر للسماح لها بالخروج مع التأكيد على ضرورة بقاء ابنها في المدينة. عُلم فيما بعد أنه حينما وصلت إلى مصر، أخبرت والدها أنه لا يزال في المدينة، مما أسعده، وأصدر قرارًا بصرف ألف دينار له شهريًا، وهو ما ساهم في استمرار تعليمه حتى بلغ مرتبة الاجتهاد.
أثنى العديد من العلماء على عمر بن عبد العزيز، حيث قال عنه الإمام الذهبي في كتابه “سير أعلام النبلاء”: “الإمام الحافظ، العلامة، المجتهد، الزاهد، العابد، والسيد أمير المؤمنين بحق”. وتم وصفه بحسن الخلق ورجاحة العقل والذكاء والعدل في الحكم. كما وصفه ابن سعد في “الطبقات” بأنه كان ذا ورع وزهد وتقوى وإمامًا عادلًا، رحمه الله.
كان عمر بن عبد العزيز قدوة في الزهد، حيث كانت الدنيا مطروحة أمامه ولكنه اختار الابتعاد عنها. وقد ذكر أبو نعيم في “حلية الأولياء” أنه عندما تولى الخلافة، كانت ثروة والده أربعين ألف دينار، وعند وفاته كانت قد انخفضت إلى أربعمئة دينار، مما يشير إلى زهده الشديد.
كما عُرف بتطبيقه مبدأ الشورى في جميع قراراته، حيث أنشأ مجلسًا يجمع كبار فقهاء المدينة لأخذ نصائحهم ومشورتهم، مما يُظهر التزامه بتطبيق شرع الله والعدالة والتواصل مع المسلمين والأخذ بآرائهم.
أحدث التعليقات