في السابع عشر من شهر رمضان المبارك لعام 57 هجريًا، أو وفق بعض الروايات 58 هجريًا، وفي رواية أخرى 59 هجريًا، انتقلت إلى رحمة الله تعالى أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-. دفنت في مقبرة البقيع بالمدينة المنورة، بعد أن أذنت لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بدفنها في الفسحة المجاورة لقبر النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبيها أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-. توفيت في خلافة معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-، وكان عمرها آنذاك 67 عامًا. وقد صلى عليها أبو هريرة -رضي الله عنه-، وشارك في دفنها أبناء إخوتها وابنا أختها أسماء، وهما عبد الله وعروة ابنا الزبير -رضي الله عنهم جميعا-.
السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما-، وأمّها أم رومان -رضي الله عنها-، تزوّجها النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاة أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها-. أقيم حفل زفافها في شوال من السنة الثانية للهجرة. لم يُكتب لها أن ترزق بالأبناء، ولكنها كانت تُعد أمّ المؤمنين جميعًا، ولقبت بأم عبد الله، وقد أطلق عليها النبي -عليه الصلاة والسلام- لقب “الحميراء”. كانت تُكنى “بنت الصديق” وكان لها دور بارز في نقل أحاديث النبي وتعليم الصحابة وعملها من أجل الإسلام والمسلمين، فهي تجمع في شخصها بين كونها زوجة الرسول وابنة الصحابي الجليل أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، الذي كان له دور كبير في دعم النبي على مرّ حياته.
تتميز أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بملامح جميلة؛ كانت بشرتها بيضاء تتداخل بها حمرة، مما جعل النبي -عليه الصلاة والسلام- يلقبها بالحميراء. في شبابها، كانت رشيقة القوام، ولكن مع تقدم العمر ازدادت وزنًا، كما ورد عنها: “سابَقني النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسبَقْتُه فلبِثْنا حتَّى إذا أرهَقني اللَّحمُ سابَقني فسبَقني فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذه بتلك”.
تعد السيدة عائشة من أكمل النساء وأعظمهن خلقًا، وكانت تُعرف بالتقوى والزهد. كانت كثيرة العبادة، تسعى لـ صيام النفل والتهجد لله تعالى. اشتهرت بجودها وكرمها، فلم يكن المال يبقى في بيتها لفترة طويلة حتى توزعه على المحتاجين.
كانت السيدة عائشة -رضي الله عنها- من العلماء الأجلاء، وكانت ناقلة للحديث النبوي، حيث كانت من أبرز رواة الأحاديث بين الصحابة. كما كانت مُلمة بالشعر ومتفقة في الفقه. كثيرًا ما كان الصحابة -رضي الله عنهم- يلجؤون إليها للحصول على الفهم في المسائل المعقدة، حتى قال عنها أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه-: “ما أشكل علينا حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً”.
أحدث التعليقات