إن المعلومات المتاحة حول موقع هبوط آدم وحواء تظل تقديرية، حيث لا توجد نصوص موثوقة تحدد ذلك بدقة، وقد وردت أقوال عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، وقتادة رضي الله عنهم، تشير إلى أن آدم عليه الصلاة والسلام هبط في الهند، تحديداً على جبل يُعرف بـ”نَوذ” في أرض “سرنديب”. بينما هبطت حواء في جدّة، وتعارفا في عرفات، ومن هنا سُمّي هذا المكان. بعد ذلك، سار آدم عليه الصلاة والسلام حتى وصل إلى مكان يُعرف بالمُزْدَلِفَة، حيث أقبلت إليه حواء. وهناك من قال إن هبوط آدم كان في البرّيّة.
كما يُقال أن آدم عليه الصلاة والسلام هبط في الهند ومعه الحجر الأسود. وهناك رواية تُشير إلى أنه هبط في أرض دُجناء في الهند، بينما ذكر ابن أبي حاتم أنه هبط في منطقة بين مكة والطائف تُعرف بدجنا. وذكر ابن عمر رضي الله عنه أنه هبط على جبل الصفا، بينما هبطت حواء على جبل المروة.
دعا الله تعالى آدم عليه الصلاة والسلام وزوجته للإقامة في الجنة، مع توجيههم بالابتعاد عن نوع معين من الشجر: حيث قال تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ). ولم تُحدّد النصوص القرآنية أو السنة النبوية نوع هذه الشجرة، ولا السبب وراء منعهما من الأكل منها؛ فقد يكون في الأكل منها خطر، أو أنها كانت اختباراً من الله لآدم عليه السلام بعد خلقه وأمر الملائكة بالسجود له.
بعد استقرار آدم عليه السلام في الجنة، والتوجيه الرباني بعدم الاقتراب من الشجرة، جاء الشيطان وأدخل في نفسه فكرة الأكل منها، كما قال تعالى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ)، و(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ)؛ أي حثهما على الزلل، وقام بإغراءهما بأن الأكل منها سيجعلهما خالدين وملكين، كما ورد في قوله: (وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَن هـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلّا أَن تَكونا مَلَكَينِ أَو تَكونا مِنَ الخالِدينَ). وجاءت رواية عن حمزة تقول: فَأَزَالَهُمَا، مما يعني إبعادهم عن الجنة وليس فقط عن الشجرة.
بعد أن استجاب آدم عليه السلام لوسوسة الشيطان، قرر هو وزوجته تناول ثمار الشجرة ليتعرفا عليها، فأظهر الله تعالى عوراتهما، فاخترطا من ورق الأشجار ليغطيان نفسيهما، كما قال تعالى: (فَلَمّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَت لَهُمَا سَوآتُهُما وَطَفِقا يَخصِفانِ عَلَيهِما مِن وَرَقِ الجَنَّةِ). وقد اختلف العلماء في كيفية إغواء الشيطان لهما، فمنهم من قال إن ذلك تم عبر اللقاء المباشر بينما قال آخرون إنه كان من خلال الوسوسة.
أما عن الشجرة التي تناولا منها، فهناك آراء متعددة؛ فقيل إنها البرّ، كما ذكر ابن عباس رضي الله عنه، بينما يُعتقد أنها الكرم وفقاً لرواية السّدي، أو التين كما ذكر جُريج، أو الكافور وفقاً لرأي علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أو العلم كما قال الكلبي، وهناك من ذكر أنها شجرة الخلد التي كانت الملائكة تتناول منها كما ورد عن ابن جدعان.
بعد ارتكابهما المعصية، أوحى الله -تعالى- إلى آدم وزوجته بكلمات التوبة، فقالا: (قالا رَبَّنا ظَلَمنا أَنفُسَنا وَإِن لَم تَغفِر لَنا وَتَرحَمنا لَنَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ). ورُوي عن ابن مسعود رضي الله عنه قولهم: “سبحانك اللّهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله إلا أنت، ظلمت نفسي، فاغفر لي فإنّه لا يغفر الذنوب إلا أنت”، وقد قبل الله -تعالى- توبتهما.
بعد قبول توبتهما، أمر الله -تعالى- آدم وزوجته وإبليس بالهبوط إلى الأرض، كما ورد في قوله تعالى: (قالَ اهبِطوا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ). وهذا يُشير إلى العداوة الموجودة بين الإنسان والشيطان. وقد تم ذكر هذه القصة في سورة ص خلال العهد المكي، وفي سورة البقرة خلال العهد المدني، ويمكن تلخيصها كالتالي:
هناك العديد من الدروس والعِبر المستخلصة من خروج آدم عليه الصلاة والسلام وزوجته حواء من الجنة، ومن أبرزها:
أحدث التعليقات