توفي الصحابي الجليل، رواية الإسلام وحافظ زمانه، أبو هريرة -رضي الله عنه- عن عمر يناهر 78 عاماً في المدينة المنورة. وقد شهد جنازته عدد من الصحابة الكرام، منهم عبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري، حيث كان ابن عمر يتقدم الجنازة ويكثر من الدعاء له. وقد وقع هذا الحدث في عام 57 أو 58 للهجرة، حيث وُضع جثمانه في مقبرة البقيع.
روى عبد الرحمن بن مهران، مولى أبي هريرة، أنه عند اقتراب وفاته قال: “لا تضربوا لي فسطاطاً، ولا تتبعوني بمجمر، وأخذوا بي إلى السرعة، فإني قد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا أُوضع الرجل الصالح على سريره قال: قدموني قدموني، أما إذا وُضع الرجل السوء على سريره قال: يا ويلتي أين تذهبون بي؟)”.
وعن ابن شوذب، ذكر أنه حين شارفت وفاة أبو هريرة على الحلول بكى فسألوه: ما الذي يسبب لك البكاء يا أبا هريرة؟ فأجاب قائلاً: “بُعْد المفازة، وقلّة الزاد، والعقبة الشديدة التي تفصل بين الجنة والنار”.
هو الصحابي الفقيه، عبد الرحمن بن صخر الدوسي، المنتمي إلى قبيلة دوس. وقد أسماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذا الاسم بعد إسلامه، وكنّاه بأبي هريرة، بينما والدته هي ميمونة بنت صبيح.
عندما قدم سيد قبيلة دوس، الطفيل بن عمرو -رضي الله عنه- إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: “يا رسول الله، إن دوساً قد عصت وأبت، فادعُ الله عليها”. ورغم توقع الناس دعاءً عليه، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا بأن يهدي قبيلة دوس.
أسلم أبو هريرة عام سبعة للهجرة، حين زار وفد من قبيلة دوس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خيبر. ثم شاركوا في الغنائم التي قُسمت بينهم بعد ذلك، وعادوا مع رسول الله إلى المدينة المنورة، حيث رافق أبو هريرة المهاجرين في نفس السنة التي أسلم فيها.
رافق أبو هريرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمدة أربعة أعوام، مما جعله من أكثر الصحابة روايةً وحفظاً لأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-. فقد قال ابن عمر -رضي الله عنهما- لأبي هريرة: “لقد كنت أكثرنا ملازمةً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحفظاً لحديثه”.
وقد أُحصي لأبي هريرة أكثر من 4000 حديث، كما أثبتت الكثير من الأحاديث فضله، حيث قال أبو سعيد الخدري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أبو هريرة وعاء من العلم”.
وفيما يتعلق بحفظه الفذ، ينقل لنا حادثة عندما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه، ثم يجمع إليه ثوبه، إلا وعى ما أقول”. فبسط أبو هريرة نمرة له، وعندما انتهى النبي من حديثه جمعها إلى صدره، فكأنه لم ينسَ ما قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ذلك اليوم.
أحدث التعليقات