يشير القرآن الكريم إلى المكان الذي رست فيه سفينة نوح -عليه السلام- وهو جبل الجودي الذي ذكر في قوله تعالى: (وَقيلَ يا أَرضُ ابلَعي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقلِعي وَغيضَ الماءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاستَوَت عَلَى الجودِيِّ وَقيلَ بُعدًا لِلْقَومِ الظّالِمينَ). يُعتقد أن جبل الجودي يقع في العراق قرب مدينة الموصل، حيث يلتقي نهرا دجلة والفرات، وهناك من يقول إنه يقع في مدينة الكوفة.
استمر نوح -عليه السلام- في دعوة قومه لتوحيد الله -تعالى- وعبادته لمدة ألف سنة إلا خمسين، ومع ذلك، لم يؤمن به إلا القليل. وقد زعم قومه أن هناك ثلاثة أسباب تمنع من قبول نبوة نوح -عليه السلام-:
عندما يئس نوح -عليه السلام- من استجابة قومه أخذوا يطالبونه بالعذاب الذي حذرهم منه، فأوحى الله -تعالى- إليه بالدعاء عليهم، فقال نوح: (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ). ثم أمره الله -تعالى- بإنشاء السفينة ليأخذ معه أهله ومن آمن به للنجاة من الغرق والطوفان، بينما يُهلك الكافرين، كما جاء في قوله: (وَاصنَعِ الفُلكَ بِأَعيُنِنا وَوَحيِنا وَلا تُخاطِبني فِي الَّذينَ ظَلَموا إِنَّهُم مُغرَقونَ).
استمر قومه في استهزائه بسبب صناعتهم للسفينة في اليابسة بعيدًا عن الماء، حيث يقول الله تعالى: (وَيَصنَعُ الفُلكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيهِ مَلَأٌ مِن قَومِهِ سَخِروا مِنهُ، قالَ إِن تَسخَروا مِنّا فَإِنّا نَسخَرُ مِنكُم كَما تَسخَرونَ * فَسَوفَ تَعلَمونَ مَن يَأتيهِ عَذابٌ يُخزيهِ وَيَحِلُّ عَلَيهِ عَذابٌ مُقيمٌ).
أخبر الله -تعالى- نوحًا -عليه السلام- بأنه لن يؤمن برسالته سوى من آمن فعلاً ولذلك، فلا ينبغي له أن يحزن على كفرهم وإنكارهم، كما ورد في قوله تعالى: (وَأوحِيَ إِلى نوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤمِنَ مِن قَومِكَ إِلّا مَن قَد آمَنَ فَلا تَبتَئِس بِما كانوا يَفعَلونَ). ومع اقتراب موعد الطوفان، حذّرهم الله من اقتراب العذاب، حيث قال: (حَتّى إِذا جاءَ أَمرُنا وَفارَ التَّنّورُ).
أمر الله -تعالى- نوحًا -عليه السلام- أن يحمل معه على السفينة زوجين من كل نوع من الحيوانات، بالإضافة إلى أهله ومن آمن معه، كما جاء في قوله: (قُلنَا احمِل فيها مِن كُلٍّ زَوجَينِ اثنَينِ وَأَهلَكَ إِلّا مَن سَبَقَ عَلَيهِ القَولُ وَمَن آمَنَ).
أحدث التعليقات