وُلد سيدنا يوسف في منطقة تُعرف بـ “فدان أرام” الواقعة في العراق. في ذلك الحين، كان سيدنا يعقوب يقيم عند خاله لابان. ووفقاً للتاريخ، كان يعقوب في سن 91 عاماً عندما وُلد يوسف. بعد فترة من ولادته، عاد سيدنا يعقوب بيوسف الصغير إلى بلاد الشام. ومن الملاحظ أن أبناء يعقوب -عليه السلام- الاثني عشر وُلدوا جميعاً في منطقة فدان أرام، باستثناء بنيامين الذي وُلِد في أرض كنعان.
إنه يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. كان سيدنا يوسف -عليه الصلاة والسلام- الأكثر حباً وقرباً إلى قلب أبيه مقارنة بإخوته. في صغره، رؤي برؤية غريبة نُقلها إلى والده، إذ رأى أحد عشر كوكباً، والشمس والقمر ساجدين له.
كما ورد في القرآن الكريم: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ). خشيةً على يوسف، نصح سيدنا يعقوب ابنه بعدم إخبار إخوته بهذه الرؤية، حيث قال -تعالى-: ﴿قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾.
كانت مشاعر الحب والخوف تجاه يوسف واضحة من قِبل يعقوب، حيث انشغل باله بمستقبل ابنه بسبب ما رآه فيه من علامات الصلاح والنبوءة. هذه المشاعر تولدت عنها مشاعر الغيرة والحسد في قلوب إخوته، مما جعلهم يخططون للتخلص منه. قاموا بإقناع يعقوب بأخذ يوسف معهم إلى الصيد والرعي، وبعد إلحاح شديد منه، وافق يعقوب.
استمر الرعي لأيام، وفي خضم ذلك ألقوا يوسف في بئر وتركوا على قميصه دماً ليوهموا يعقوب بأن يوسف تعرض لهجوم من ذئب وأُصيب بأذى. التقطته قافلة ثم بُيع في مصر كعبد، حيث اشترى عزيز مصر يوسف في عام 1600 قبل الميلاد في فترة الملك أبابي.
نشأ سيدنا يوسف وامتاز بجماله الفائق، مما جعل امرأة العزيز تضع خطة للإيقاع به. وقد جاء في القرآن: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ). إلا أن يوسف رفض ذلك، وأفضل السجن على الوقوع في الخطيئة. وبعد فترة، دخل معه السجن رجلان اتُهما بمحاولة تسميم الملك.
في السجن، طلبا من يوسف تفسير رؤاهما، حيث رأى الأول أن الطيور تأكل الخبز من على رأسه، في حين رأى الثاني أنه يعصر الخمر. تَنبأ يوسف لهما بما سيحدث، فأخبر الأول بأنه سيُصلب، وأخبر الثاني بأنه سينجح وسيطلب منه أن يذكره للملك، لكنه نسي هذا الطلب.
لاحقًا، رأى الملك رؤية استعصت على التفسير، فذكر له الشاب الذي نجا من السجن بيوسف. تم استدعاء يوسف لتفسير الرؤية، وأُطلق سراحه من السجن. بعد سنوات من ذلك، جاء إخوة يوسف إلى مصر لشراء الطعام، لكنهم لم يتعرفوا عليه. وبعد فترة، طلب منهم يوسف أن يحضروا والدهم وقومهم إلى مصر.
أحدث التعليقات