كان سُليمان -عليه السلام- مقيمًا في بيت المقدس. عقب وفاة والده داوود -عليه السلام- تولى سُليمان الحكم وعُرف بحكمته. وفي السنة الرابعة من حكمه، بدأ في بناء بيت المقدس، واستمر في ذلك لمدة سبع سنوات، حيث انتهى منه في السنة الحادية عشرة. بعدها، أطلق مشروع بناء دار مملكته في القُدس، وهذا المشروع استغرق ثلاثة عشر عامًا، واستمر في حكمه حتى وفاته.
تشير بعض الإصحاحات في التوراة إلى أن سُليمان حكم جميع الممالك التي امتدت من النهر في أرض فلسطين إلى حدود مصر، مما يغطي أجزاءً من شمال وجنوب فلسطين. وقد ذكر الله -تعالى- في كتابه مقدار مُلك سُليمان ومملكته حيث قال: (وَلِسُلَيمانَ الرّيحَ عاصِفَةً تَجري بِأَمرِهِ إِلَى الأَرضِ الَّتي بارَكنا فيها وَكُنّا بِكُلِّ شَيءٍ عالِمينَ)، مما يدل على أن الريح كانت وسيلة مواصلاته ضمن مملكته الممتدة من صحراء فلسطين حتى العراق.
كما توسعت مملكة سُليمان بعد وفاة والده؛ إذ فرض الجزية على جميع ملوك الشام، ثم توسع سلطانه ليصل إلى اليمن حيث خضعت ملكة سبأ له. وقام أيضًا ببناء سور حول مدينة القُدس، وعندما ورث سُليمان -عليه السلام- الملك والنبوة من والده، بدأ في إعادة بناء المسجد تنفيذًا لوصية والده، بالإضافة إلى بناء مدينة تدمر والهيكل.
تباينت الآراء بين العلماء حول مكان وفاة ونُزُل سُليمان -عليه السلام-، فبعضهم أفاد بأنه توفي في بيت المقدس بجانب قبر والده، بينما ذكر آخرون أنه توفي على ساحل بحيرة طبرية.
توفي سُليمان -عليه السلام- عن عمر يناهز اثنين وخمسين عامًا، وكان ذلك بعد أن استند إلى عصا من شجرة الخرّوبة، حيث دعا الله ليخفي عن الجن خبر وفاته، لتظهر للناس أن الجن لا يعلمون الغيب كما كانوا يزعمون. وقد أمرهم ببناء القوارير له، وعندما جاء ملك الموت لقبض روحه، لم يدرك الجن وفاته حتى بدأت دودة الخشب تأكل عصاه وتسقطه.
سُليمان بن داوود -عليهما السلام- وراث الملك والنبوة من والده، وقد اختاره الله سبحانه وتعالى ليتمتع بعدد من المعجزات، مثل تسخير الريح والشياطين، وتعليمه لغة الطيور. وقد حظي بملك عظيم، وكان دائم الشكر لله على نعمه. ومن صفاته التي وردت في القرآن، أنه كثير التوبة والخضوع لله، حيث وُصف بالأواب. وكان متابعًا دائمًا لرعاياه حريصًا على معرفة احتياجاتهم ومساعدتهم.
تولى سُليمان -عليه السلام- الملك والنبوة بعد والده نظراً لذكائه وحنكته في الإدارة. لذا، استمر في بناء ما بدأه والده من مبانٍ، حيث عمل على بناء البيت المقدس، ومدينة تدمر، بالإضافة إلى إنشاء الهيكل. كما أسس أسطولًا بحريًا يتنقل بين المشرق والمغرب وأعطى لبني إسرائيل حضارة مزدهرة. إن سُليمان قام بتنفيذ ما أمره الله به بخصوص الدعوة للدين الحق.
أسس سُليمان مملكته على العقيدة السليمة التي تستند إلى عبادة الله وحده، والإخلاص له، واعتناق مبدأ التوحيد بعيدًا عن الشرك. وقد عُرف عنه أيضًا تمتعه بسمع الهمس الخاص بالنمل، مما جعله دائم الشكر لله -تعالى- على نعمائه. كما قام ببناء بيت المقدس على أُسس وجود إبراهيم -عليه السلام- وكان هذا المكان جزءًا من مملكته التي استمر حكمها نحو أربعين عامًا، وقد شهدت تلك الفترة أحداثًا عظيمة.
خلاصة المقال: تناول المقال أماكن إقامة نبي الله سُليمان -عليه السلام- في بيت المقدس، وعرض المدة الزمنية لحكمه ومملكته وحدود دولته، بالإضافة إلى مكان وفاته الذي توزعت فيه آراء العلماء. كما تم ذكر مجموعة من المعلومات حوله ومعجزاته.
أحدث التعليقات