عندما خلق الله -تعالى- آدم وزوجته حوّاء -عليهما السّلام-، أسكنهما في الجنّة حيث تمتعوا بكل ما فيها من خيرات ونعيم. كانا يستمتعان بالأكل والشرب، وقد وعد الله -تعالى- بأن يظل هذا النعيم دائماً لهما، كما ورد في قوله: (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى* وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى).
أما بالنسبة لمدة إقامتهما في الجنّة، فقد وردت عدة روايات حول هذا الموضوع. فقد أُخبر عن ابن عبّاس أنهما لم يبقيا في الجنّة إلا ما بين صلاة العصر والمغرب، بينما ذكر ابن كثير أنهما مكثا هناك مئة عام أو ستون عاماً. وفي رواية السّيوطي، قيل إنه كان مدة ساعة من نهار، تساوي مئة وثلاثين عاماً من عمر الدنيا، لكنها تبقى مجرد روايات لم يثبت صحتها.
أعطى الله -تعالى- لآدم الحرية في الاستمتاع بكل ما في الجنّة، لكنه نهاه عن الاقتراب من شجرة معينة، كما ورد في قوله: (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ). إلا أن إبليس، بعد أن طرده الله -تعالى- من الجنّة لرفضه السجود لآدم، سعى إلى إغواء البشر، وبدأ يوسوس لآدم حتى يأكل من الشجرة، متعهداً له بأن ذلك سيؤدي إلى الخلود.
بعد محاولات عديدة، أقنع إبليس آدم -عليه السلام- وزوجته بتناول الثمرة المحرّمة. وعندما أكلوا منها، أظهر الله -تعالى- لهما عوراتهما، وبدأا يأخذان من أوراق الشجر ليخفيان عوراتهما. ومع ذلك، أظهر آدم صدق توبته، فتقبل الله توبته، لكنه أهبطه إلى الأرض لتبدأ مرحلة العمل والكد.
أنزل الله -تعالى- آدم وزوجته إلى الأرض، واختلفت آراء المؤرخين حول الموقع المحدد لهذا الهبوط. يرى العديد من المؤرخين أن آدم هبط في جزيرة سرنديب، المعروفة اليوم بسريلانكا، بينما يعتقد آخرون أنه نزل في الهند على جبل يُدعى بوذ. وهناك من قال إنه هبط على جبل آخر يُعرف باسم واسم.
وفي رواية ابن عبّاس، ذُكر أنه هبط في مكان بين مكة والطائف. ويدعي فريق من المؤرخين أن الله -تعالى- أهبط آدم في الهند وحوّاء في جدة، حيث اجتمعتا بعد ذلك مما أطلق عليه اسم مزدلفة. ثم التقى الزوجان مجددًا في عرفات، وسُمي هذا المكان بهذا الاسم بسبب تعارفهم فيه.
هبط آدم -عليه السلام- إلى الأراضي الهندية، ثم أخذته الملائكة إلى مكة لأداء فريضة الحج، حيث زار جبل عرفات ليتعلم مناسك الحج. وعاش آدم -عليه السلام- في مكة المكرمة، وهناك روايات تشير إلى عودته إلى الهند من حين لآخر ليؤدي فريضة الحج إلى البيت الحرام.
ختامًا، عاش آدم وزوجته حوّاء في الجنّة أثناء خلقهما، لكن الله -تعالى- أهبطهما إلى الأرض بعد ارتكابهما ذنبًا. واستقر آدم في الهند، ومن ثم انتقل إلى مكة حيث كان يحج إلى البيت الحرام.
أحدث التعليقات