تعتبر حرب البسوس من الحروب الطويلة الأمد التي استمرت لأكثر من أربعين عامًا، حيث وقعت بين قبيلة تغلب بن وائل وحلفائها من جهة، وقبيلة بني شيبان وحلفائها من قبيلة بكر بن وائل من جهة أخرى، مُبتدئةً في عام 494 ميلادي. ويعتقد البعض أن مدة الحرب قد استمرت لمدة عشرين عامًا فقط.
لم يكن هناك سبب واحد واضح لمباشرة حرب البسوس، إذ يعتقد البعض أن الشرارة الأولى كانت مع قيام الملك كليب بن ربيعة التغلبي، الذي كان زعيمًا لقبائل معد، بقتل ناقة جار البسوس، وهو سعد بن شمس الجرمي. وتجدر الإشارة إلى أن البسوس بنت منقذ التميمة كانت خالة الجساس بن مرة الشيباني، الذي سعى للثأر لمقتل خالته من خلال قتل الملك كليب.
ومع ذلك، يبدو أن الأسباب الحقيقية للحرب كانت متجذرة في كراهية سابقة نتيجة ممارسات كليب وأبناء قبيلته نحو بني بكر، حيث كانت تلك المعاملة استبدادية وشابتها مظالم وتمييز. فقد اعتمد كليب خلال قيادته سياسة الغطرسة والتمييز ضد القبائل الأخرى، خاصة قبيلة بني بكر. من بين تصرفاته كان يمنع القبائل من استضافة الغرباء أو تقديم الحماية لأي شخص دون استشارته، مخالفًا للأعراف العربية التي دعت دائمًا لمساعدة المحتاجين وتقبل الضيوف. كما احتكر كليب المراعي وعيون الماء، ولم يُسمح لأحد باستخدامها دون إذن منه.
بدأت شرارة الحرب عندما كانت البسوس تقيم لدى الجساس في بني شيبان، وكان جارها سعد بن شمس الجرمي يمتلك ناقة تدعى “سراب”. وفي إحدى المرات، حينما كانت الناقة مربوطة أمام بيت سعد، مرت إبل كليب في طريقها للرعي، مما أدى إلى ثوران الناقة وإطلاق سراحها، فاختلطت مع إبل كليب وبدأت ترعى معها. وعندما اكتشف كليب هذا الأمر، انفجر غضبًا وقتل الناقة بسهم أصابها، مما أدى إلى موتها على الفور.
عندما علم الجرمي بما حدث، غضب بشدة، وعندما سمع بن أخت البسوس، الجساس، بما حدث، حس على الفرس وتبعه عمرو بن حارث الشيباني. وعند وصولهم إلى كليب، أبلغه الجساس بأنه قد قتل ناقة جاره، إلا أن كليب سخر منه ثم هاجمه، مما أدى إلى صراع أسفر عن طعنه من الخلف من قِبَل عمرو. بعد هذه الحادثة، غادر بنو شيبان إلى منطقة “النهى”، حيث أرسلت إليهم بنو تغلب تطلب الجساس، لكن والده رفض تسليمه، مما أدى إلى اندلاع الحرب بينهم.
يُرجح أن حرب البسوس قد وقعت في وادي الخيطان بمنطقة الباحة، والتي تعتبر موطنًا لقبيلتي بكر وتغلب. لكن بعض المؤرخين يعتقدون أن المعركة جرت بالقرب من مدينة زبيد في اليمن، بينما يشير آخرون إلى أن الموقع كان وادي الخيطان في تهامة.
أحدث التعليقات