بلغ عدد المسلمين الذين شاركوا في معركة مؤتة حوالي ثلاثة آلاف مقاتل، لكنهم فوجئوا بوجود أكثر من مئتي ألف مقاتل من العدو. وقد أمضى المسلمون ليلتين في منطقة معان يتشاورون في الأمر، حيث اقترح بعضهم أن يكتبوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطلب تعزيزات أو توجيهات حول كيفية التصرف. لكن عبد الله بن رواحة -رضيَ الله عنه- عارض هذا الاقتراح، ودعا المسلمين إلى القتال معلنًا أن الدافع وراء قتالهم هو دينهم ورغبتهم في الشهادة، وأن العدد ليس له أثر في ذلك. وبفضل حديثه، استمد الجيش القوة والعزيمة.
بعد قضاء ليلتين في معان، توجه المسلمين نحو العدو في قرية تُعرف باسم مشارف تقع في البلقاء. ومع اقتراب العدو، اختار المسلمون مؤتة كمقر لهم للتجهز والتعسكر. وذكر ابن حجر عن ابن إسحاق أن مؤتة قريبة من البلقاء، بينما أكد ابن سعد أنها تقع في أدنى منطقة البلقاء، وأشار البرهان إلى أنها مكان معروف في الجنوب من الكرك، حيث تبعد عن المدينة حوالي مئة وخمسة عشر كيلومترًا.
تعددت الأسباب التي أدت إلى معركة مؤتة، أهمها كالتالي:
تعتبر معركة مؤتة واحدة من أبرز المعارك التي خاضها المسلمون في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد كانت بمثابة بداية الفتوحات الإسلامية في بلاد النصارى.
كما ساعدت المعركة المسلمين على فهم نقاط قوة جيش الروم واستراتيجياتهم القتالية، مما شكل قاعدة معرفية استخدمها المسلمون في مواجهاتهم المستقبلية ضد الروم.
أظهرت هذه المعركة بوضوح أن النصر يأتي من عند الله -تعالى-، بغض النظر عن عدد القوات واستعداداتها؛ إذ واجه المسلمون ثلاثة آلاف مقاتل عدوًا يتجاوز مئتي ألف، ومع ذلك تُوجت المعركة بالنصر للمسلمين، حيث استشهد منهم عدد قليل لا يتجاوز بضعة عشر رجلاً بالإضافة إلى القادة الثلاثة. أما عن جيش الروم، فلم يتم ذكر عدد قتلاهم، لكن التقديرات تشير إلى أنهم تكبدوا خسائر كبيرة.
تباينت الآراء حول نتائج الغزوة، فذهبت بعض الروايات إلى اعتبارها انتصارًا كبيرًا للمسلمين كما أشار الزهري، بينما اعتبر الواقدي وابن سعد النتيجة لصالح الروم. في حين ذكر معاصرون أن خالد بن الوليد -رضيَ الله عنه- انسحب بشجاعة مع الجيش بعد مواجهات ضارية، وأدى ذلك إلى انسحاب القوات الرومانية أيضًا، مما أنهى المعركة بانسحاب طرفي النزاع.
أحدث التعليقات