تتميز حشرة بق الفراش بعدم عيشها في أعشاش كما تفعل بعض الحشرات مثل النمل والنحل، بل تُفضل العيش في أماكن قريبة من البشر مثل المنازل وكهوف الخفافيش وأعشاش الطيور، حيث توفر لها احتياجاتها الأساسية من الدم والدفء وأماكن آمنة للاختباء. خلال النهار، تميل هذه الحشرة للاختباء في الشقوق وطيّات الأثاث وفراش الأسرة لتجنب الضوء، وتنشط ليلاً. يمكن أن تنتقل بق الفراش من مكان لآخر عن طريق الملابس والفراش وغيرها، ومن المستبعد أن تُلاحَظ على جسم المضيف، حيث تفتقر إلى الزوائد التي تمكنها من التعلق بالشعر أو الفراء أو الريش.
تفضل حشرة بق الفراش التجمع في ثنيات المراتب وإطارات الأسرة والشقوق، وداخل الأشياء المخزّنة تحت السرير، وبين حواف وطيّات الأقمشة في الكراسي والأرائك، بالإضافة إلى الخزائن والملابس والطاقات الموجوة على حواف السجاد. كما أنها تتواجد في الزوايا العليا والسفلية للغرفة، وفي الشقوق الخشبية، خلف الصور المعلقة، والمرايا، والمقابس الكهربائية، وتحته ورق الجدران، وداخل ساعات الحائط والهواتف وأجهزة التلفاز.
يمكن لحشرة بق الفراش البقاء على قيد الحياة في درجات حرارة تتراوح بين 7-45 درجة مئوية، وتستطيع الصمود لمدة عام أو أكثر في درجات حرارة أقل من 12.8 درجة مئوية. تجدر الإشارة إلى أن البالغة والحوريات يمكنها العيش لفترة تتراوح بين 2-6 أشهر دون غذاء، وتزداد قدرتها على البقاء بلا طعام في البيئات الأكثر برودة. لذلك، لا يُنصح بإخلاء المساكن المصابة بالرجاء أن تموت الحشرات من الجوع، إذ يمكن للبق تقليل نشاطه في غياب المضيف والانتظار إلى حين عودته، كما يمكن أن ينتقل إلى أماكن مجاورة.
تعتبر حشرات بق الفراش من المملكة الحيوانية، شعبة مفصليات الأرجل، طائفة الحشرات، ورتبة نصفيات الأجنحة، وفصيلة البقّيات.
يوجد حوالي 75 نوعاً من حشرات البق، تتسم جميعها بحجمها الصغير وشكلها البيضاوي، حيث يتراوح طولها بين 4-9 ملم، ولها جسم مسطح عريض بني مائل إلى الحمرة، وأجنحة ضامرة. تتسم أجنحتها الأمامية بأنها أوسع من طولها، مع تغطية مقدمة ظهرها بشعر صلب قصير، ورائحة زيتية مميزة تنبعث من غدة عطريّة. تتغذى على دم ذوات الدم الحار، بما في ذلك البشر، حيث ينتفخ جسمها بعد امتصاص الدم ويصبح لونه أحمر.
قد يخلط البعض بين لدغة بق الفراش ولدغات الحشرات الأخرى مثل البعوض والبراغيث، ولكن لا يمكن التأكد من كون اللدغة نتيجة بق الفراش إلا عند العثور على الحشرة نفسها أو بعض العلامات التي تتركها مثل الرائحة أو بقع البراز الصغيرة التي تكون عادةً بلون بني مائل إلى الأحمر أو بني داكن. وعلى الرغم من ذلك، فإن بق الفراش لا ينقل أي أمراض للإنسان عند لدغه.
يصبح بق الفراش نشطاً بحثاً عن غذائه في الفترة ما بين منتصف الليل وحتى الخامسة صباحاً، وهو الوقت الذي يكون فيه الناس نائمين، حيث تنجذب هذه الحشرات إلى حرارة الجسم وثاني أكسيد الكربون الناتج عن الزفير. تستطيع الحشرات اكتشاف غاز ثاني أكسيد الكربون من مسافة لا تتجاوز 90 سم، كما أن قدرتها على التجول بسرعة تساعدها في العثور على الإنسان النائم، وتفضل بق الفراش البقاء قرب سرير المضيف، لكن ذلك يصبح صعباً عند تواجد كثافة عالية من هذا النوع من الحشرات في مكان واحد مما يجبر بعضها على الابتعاد عدة أمتار.
عند العثور على مضيف، تبدأ بق الفراش بجس الجلد بحثاً عن مكان يمكّنها من تدفق الدم، عبر ثقب جلد المضيف باستخدام أجزاء من فمها تُعرف بالمِرَوِد، حيث تحتوي على أربعة مراود، اثنان في الفك العلوي يشكلان قناتين. وعندما تبدأ في سحب الدم، تنقل العديد من المركبات المخدرة ومضادات التخثر من لعابها إلى جسم الإنسان، مما يسمح لها بسحب الدم دون أن يشعر المضيف، ومع أن بعض هذه المواد تسبب تفاعلات فرط الحساسية بعد مرور يوم أو أكثر، فإن بق الفراش تستمر في سحب الدم لمدة تتراوح بين 5-10 دقائق، ثم تنسحب إلى مخبئها لتبدأ بهضم الوجبة التي تكفيها بين 3-7 أيام، لتعود بعدها للبحث عن وجبة جديدة، حيث تستطيع سحب كمية من الدم تصل إلى ستة أضعاف نفسها.
تتزاوج حشرات بق الفراش بطريقة تُعرف بالإمناء الجرحي، حيث يستخدم الذكر أعضائه التناسلية للطعن في جسم الأنثى، ما يسمح للحيوانات المنوية بالانتشار في تجويف الجسم وتخصيب البيض. يمكن أن تخصب الأنثى البيض طالما يوجد في جسمها حيوانات منوية، وعند نفاذها يمكنها أن تتزاوج مع ذكورها بعد بلوغهم. وهذا يعني أن دخول أنثى بمفردها إلى المنزل يمكن أن يؤدي إلى تكاثر هائل في حال تواجد عائل يتغذى عليه.
تنتج الأنثى عادة 113 بيضة طوال حياتها، ويعتمد عدد البيض على تمكنها من الحصول على وجبات دم منتظمة. يمكنها مضاعفة عدد البيض كل 16 يوماً في ظل الظروف المناسبة، مثل توفر الغذاء والحرارة بين 21-32 درجة مئوية. تنتج الأنثى الواحدة ما بين 1-7 بيضات بشكل يومي لمدة 10 أيام بعد وجبة دم واحدة، حيث يفقس حوالي 60% من البيض بعد 6 أيام و90% بعد 9 أيام. ترفع الدرجات المنخفضة للحرارة من فترة الفقس إذا كانت أقل من 10 درجات مئوية.
تتفاوت ردود الفعل لدى الأفراد عند لدغات بق الفراش، فبعض الأشخاص قد لا يتأثرون بينما يتفاعل آخرون بشكل كبير، مما قد يؤدي إلى ردود فعل تحسسية شديدة. يمكن تمييز لدغات بق الفراش عن لدغات الحشرات الأخرى عبر الأعراض التالية:
يمكن التعرف على وجود بق الفراش من خلال مشاهدة الحشرة أو فضلاتها الداكنة، أو البيض الفاقس، أو القشور المتساقطة خلال انسلاخ الحورية. تميل هذه الحشرات للاختباء بجانب أماكن نوم البشر في بداية ظهورها، إلا أنها مع الوقت قد تنتشر في أماكن أخرى، مما يصعب السيطرة عليها. يعتمد نجاح عملية المكافحة على الفحص الدقيق لأماكن اختبائها، حيث تُفضل الخشب والقماش من المعدن أو البلاستيك. قد يستغرق الفحص والعلاج عدة ساعات، ومن طرق السيطرة على بق الفراش:
أحدث التعليقات