تُعتبر مدينة تدمُر (بالإنجليزية: Palmyra) واحدة من أعرق المواقع الأثرية في العالم، وتقع في الجمهورية العربية السورية، حيث تتمتع بتاريخ حضاري عريق ومكانة مرموقة. اشتهرت المدينة بارتباطها بالملكة زنوبيا، التي شهد عصرها ازدهاراً ملحوظاً. كانت تدمُر مركزًا حيويًا لتجمع قوافل التجارة بين بلاد الشام وبلاد الرافدين، وتقع على طريق الحرير التجاري. تم تشبيه المدينة بأثينا الجديدة، ونالت لقب عروس الصحراء وواحة النخيل، وهو ما يعكس الاسم الذي أطلقه الرومان عليها. أما “تدمُر” فهو الاسم الذي أطلقته الشعوب ما قبل السامية على المنطقة، وما زال يُستخدم حتى اليوم.
تقع آثار مدينة تدمُر القديمة في قلب الصحراء السورية، ضمن محافظة حمص. تبعد هذه الآثار حوالي 235 كيلومترًا شمال شرق العاصمة السورية دمشق. تُعرف المدينة بأنها واحة غنية بالنخيل ضمن مساحة صحراوية شاسعة. تاريخيًا، كانت مركزًا بين الإمبراطورية الرومانية التي تأسست في بلاد الشام إلى الغرب، والإمبراطورية البارثية التي نشأت في بلاد الرافدين إلى الشرق. تمتد إحداثيات المدينة بين ″5 ′33 °34 شمالاً، و ″5 ′16°38 شرقاً.
تعود أصول مدينة تدمُر إلى عصر النبي سليمان، حيث عُرفت بذكرها في الإنجيل كمنطقة تم تحصينها من قبل سليمان. ولقد تم الإشارة إليها باسم تدمُر في سياق قصة النبي يوسف، حيث يُعتقد أنها المدينة التي قام ببنائها. في القرن الأول الميلادي، خضعت تدمُر للاحتلال الروماني تحت حكم الإمبراطور تيبيريوس. في عام 129 ميلادي، زار الإمبراطور هادريان المدينة وأعلنها مدينة مستقلة، مانحًا إياها لقب كولونيا، مع إعفائها من الضرائب. شهدت المدينة فترة ازدهار في القرنين الثاني والثالث الميلادي، وأصبحت مركزًا رئيسيًا للتجارة، ولكن بعد سقوط الدولة البارثية بدأ دورها التجاري في التراجع. وكانت المدينة قد شهدت تعيين الملك سبتيموس أذينة من قبل الرومان ليكون حاكمًا لها، وهو الذي عُرف لاحقًا باسم حاكم الشرق.
بعد تعيينه، تعرض سبتيموس أذينة وابنه للاغتيال، فتولت الحكم زوجته الملكة زنوبيا. شهدت مدينة تدمر في عهدها فترة ازدهار هائلة، حيث أصبحت مركزًا رئيسيًا للتجارة تحت حكمها، وقررت العمل نحو الاستقلال الكامل عن الإمبراطورية الرومانية، وسيطرت على مساحات واسعة من الأناضول في عام 270 ميلادي، لكن في عام 272 ميلادي، استعاد الإمبراطور أوريليان الأناضول وقام بتدمير مدينة تدمر في العام الذي تلا ذلك.
على الرغم من تلك الأحداث المدمرة، استمرت المدينة في كونها نقطة حيوية على طريق ديوكلتيانوس، الذي ربط بين مدينة دمشق ونهر الفرات في العراق. وفي عام 634 ميلادي، قاد الخليفة أبو بكر الفتوحات الإسلامية إلى تدمُر تحت إشراف الصحابي خالد بن الوليد، وتم فتح المدينة. ومع مرور الوقت، فقدت تدمر مكانتها كمركز تجاري، وانخفضت أهميتها كحلقة وصل بين الحضارات القديمة. وفي عام 1785 ميلادي، زارت العديد من البعثات الأوروبية المدينة لدراسة وتوثيق حضارتها.
تشمل مدينة تدمُر مجموعة من المواقع الآثارية التي تعود إلى الحضارات التي تأسست فيها. وتعتبر آثار تدمُر من الأبنية المعمارية الأكثر جاذبية في الشرق، حيث تعتمد المدينة اليوم على السياحة كمصدر رئيسي للدخل. وبفضل أهميتها التاريخية والحضارية، أُدرجت مدينة تدمُر على قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 1980. ومن بين أبرز المعالم الأثرية في مدينة تدمر:
أحدث التعليقات