موقع تكليم الله لنبي موسى عليه السلام
قد كلّم الله -تعالى- نبيّه موسى -عليه السلام- في منطقة تُعرف بوادي طُوى، وهو الوادي المقدس يقع بجانب جبل الطور، حيث قال الله -عز وجل-: (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا)، وأيضاً: (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ). يُعتبر هذا المكان الميقات المكاني، ويقع جبل الطور في صحراء مصر، المعروفة بصحراء سيناء، حيث ذكر الله -تعالى-: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ).
أيد الله -عز وجل- رسله بالمعجزات لتكون دليلاً على صدقهم، ومن بين هؤلاء الرسل تميز نبي الله موسى -عليه السلام- بشرف التكليم الإلهي المباشر دون وساطة، ولذلك أُطلق عليه لقب كليم الله كما ورد في قوله -تعالى-: (وَكَلَّمَ اللَّـهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)، وأيضاً: (وَهَل أَتاكَ حَديثُ موسى*إِذ رَأى نارًا فَقالَ لِأَهلِهِ امكُثوا إِنّي آنَستُ نارًا لَعَلّي آتيكُم مِنها بِقَبَسٍ أَو أَجِدُ عَلَى النّارِ هُدًى*فَلَمّا أَتاها نودِيَ يا موسى*إِنّي أَنا رَبُّكَ فَاخلَع نَعلَيكَ إِنَّكَ بِالوادِ المُقَدَّسِ طُوًى)،
ما هي الأمور التي كلم الله بها نبيّه موسى عليه السلام؟
كلّم الله -تعالى- نبيّه موسى -عليه السلام- وأمره بعدة أمور، نوضحها كما يلي:
- أمر الله -تعالى- موسى -عليه السلام- بتوحيده وتنزيهه عن جميع خلقه، وأوجب عليه عبادته وحده بكل صور العبادة مثل الصلاة والصيام والذكر والدعاء وغيرها، حيث قال -تعالى-: (إِنَّني أَنَا اللَّـهُ لا إِلـهَ إِلّا أَنا فَاعبُدني وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكري*إِنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخفيها لِتُجزى كُلُّ نَفسٍ بِما تَسعى).
- أيد الله -تعالى- موسى -عليه السلام- بالمعجزات والآيات التي تُثبت صدقه في دعوته، حيث قال -تعالى-: (وَما تِلكَ بِيَمينِكَ يا موسى*قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمي وَلِيَ فيها مَآرِبُ أُخرى*قالَ أَلقِها يا موسى*فَأَلقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسعى*قالَ خُذها وَلا تَخَف سَنُعيدُها سيرَتَهَا الأولى*وَاضمُم يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخرُج بَيضاءَ مِن غَيرِ سوءٍ آيَةً أُخرى). فقد تحولت العصا إلى أفعى بإرادة الله -تعالى-، وكان موسى -عليه السلام- يُدخل يده إلى جيبه فتخرج بيضاء دون إصابة بسوء أو مرض، وقد طلب موسى -عليه السلام- الدعم من ربه بإرسال أخيه هارون ليكون وزيراً ومعيناً له في إيصال الرسالة، فأجاب الله -تعالى- طلبه، كما جاء في قوله -تعالى-: (اذهَب إِلى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغى*قالَ رَبِّ اشرَح لي صَدري*وَيَسِّر لي أَمري*وَاحلُل عُقدَةً مِن لِساني يَفقَهوا قَولي*وَاجعَل لي وَزيرًا مِن أَهلي*هارونَ أَخِي*اشدُد بِهِ أَزري*وَأَشرِكهُ في أَمري*كَي نُسَبِّحَكَ كَثيرًا*وَنَذكُرَكَ كَثيرًا*إِنَّكَ كُنتَ بِنا بَصيرًا*قالَ قَد أوتيتَ سُؤلَكَ يا موسى).
- طلب موسى -عليه السلام- من ربه أن يراه، فأخبره الله -تعالى- أنه لن يقوى على رؤيته في الحياة الدنيا، وأنه إذا أظهر نفسه، فإن الجبل سيسقط وينسف من عظمة الموقف، فسقط موسى -عليه السلام- مغشياً عليه من شدة الرهبة، وعندما استعاد وعيه سبح الله -تعالى- وأمن بعظمته وقدرته، فقال -تعالى-: (وَلَمّا جاءَ موسى لِميقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِني أَنظُر إِلَيكَ قالَ لَن تَراني وَلـكِنِ انظُر إِلَى الجَبَلِ فَإِنِ استَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوفَ تَراني فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسى صَعِقًا فَلَمّا أَفاقَ قالَ سُبحانَكَ تُبتُ إِلَيكَ وَأَنا أَوَّلُ المُؤمِنينَ). ثم أخبره الله -تعالى- أنه اختاره واصطفاه من بين عباده ليحمل رسالة الدعوة ويُذكّره بالشرف والمكانة التي منحها له، فكان قدوةً لغيره، كما قال -تعالى-: (قالَ يا موسى إِنِّي اصطَفَيتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسالاتي وَبِكَلامي فَخُذ ما آتَيتُكَ وَكُن مِنَ الشّاكِرينَ*وَكَتَبنا لَهُ فِي الأَلواحِ مِن كُلِّ شَيءٍ مَوعِظَةً وَتَفصيلًا لِكُلِّ شَيءٍ فَخُذها بِقُوَّةٍ وَأمُر قَومَكَ يَأخُذوا بِأَحسَنِها سَأُريكُم دارَ الفاسِقينَ).
تعريف بنبي الله موسى عليه السلام
كان نبي الله موسى -عليه السلام- من بني إسرائيل، الذين تعرضوا لأقسى أنواع الاضطهاد والظلم من قبل فرعون وقومه. وُلِد موسى في عام تم فيه قتل المواليد الذكور من بني إسرائيل بأمر فرعون، فأوحى الله إلى أمّه أن تضع وليدها في النهر، حيث قال -تعالى-: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ). وصل موسى إلى قصر فرعون ونشأ فيه، ثم رحل إلى مدين بعد أن قتل مصرياً عن طريق الخطأ، كما ورد في قوله -تعالى-: (وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ*فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). عاد موسى إلى مصر مع عائلته بعد ما يقارب عشر سنوات، وقد كلّمه الله -تعالى- في طريق عودته، وأمره وأخيه هارون بدعوة فرعون وقومه إلى توحيد الله وعبادته، وترك الظلم. إلا أن فرعون لم يستجب، فقامت آيات العذاب على قومه، حيث أغرقهم الله في البحر، وأنجا موسى ومن آمن به. وكانت الله -تعالى- قد واعد موسى -عليه السلام- لتسليمه الألواح وما فيها من التشريعات.
أحدث التعليقات