يُعَدّ البيت العتيق، المعروف أيضًا باسم البيت الحرام، أول مكان أُقيم للعبادة للمسلمين، حيث يمكنهم أداء شعائرهم والتقرب إلى الله عز وجل.
ورد ذكر البيت العتيق في قوله تعالى في سورة آل عمران، الآية 96: “إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ”. صدق الله العظيم.
في هذا المقال، سوف نستعرض تفاصيل مفصلة حول البيت العتيق ونعرف من هو أول شخص طاف به.
تعريف البيت العتيق
- البيت العتيق، والذي يُطلق عليه أيضًا البيت الحرام، هو أقدم بيت وُجد للعبادة في الإسلام.
- حصل البيت العتيق على العديد من الأسماء تكريمًا له، ومن بين هذه الأسماء: الكعبة والحرم المكي.
- أُطلق عليه اسم البيت المعمور، لأنه محاط بالحجاج والزوار، ويقع داخل أراضي المملكة العربية السعودية، وتحديدًا في مكة المكرمة.
أول من طاف بالبيت العتيق
هناك اختلاف في الآراء حول من كان أول من طاف بالبيت العتيق، وهذا الموضوع ليس بسيطًا كما يبدو.
قبل ذكر الآراء، نبدأ بالتحية ونسأل الله الصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين. علماء الأمة تباينوا إلى رأيين:
-
الرأي الأول: يُنسب إلى الأزرقي، ورواية عن الإمام محمد بن علي بن الحسين، حيث يقال إن الذي طاف بالبيت العتيق هم الملائكة.
- فقد أمر الله سبحانه وتعالى الملائكة بالنزول إلى الأرض لبناء البيت.
-
بعد إتمام البناء، طاف الملائكة به، ليقوم من في الأرض بعدهم بالطواف به مثلما هم يفعلون حول البيت المعمور في السماء.
وبناءً على هذا الرأي، فإن الملائكة هم أول من طاف بالبيت العتيق.
-
الرأي الثاني: جاء في رواية عن ابن عباس أن نبي الله آدم -عليه السلام- شكا إلى الله عدم سماعه لصوت الملائكة الذي سمعه في السماء.
- فأمره الله سبحانه وتعالى بالذهاب إلى مكان البيت العتيق لبنائه والطواف به.
- ثم جاء جبريل عليه السلام وساعده في بناء البيت، حيث ضرب جناحه فنشأ أساس البيت.
وبعد انتهائه من البناء، طاف آدم -عليه السلام- بالبيت.
- وحسبما ورد أن الله عز وجل أرسل جبريل إلى آدم لكي يأمره ببناء البيت، وبمجرد أن تم البناء، أمر بأن يطوف به.
- وبذلك تكون الكعبة هي أول بيت وُضع للناس، لكن الحديث الوارد في هذا السياق غير دقيق.
بناء إبراهيم للكعبة
- أتى الوحي إلى نبي الله إبراهيم -عليه السلام- من عند الله سبحانه وتعالى، بأمره ببناء البيت العتيق.
- وبدوره، أخبر سيدنا إبراهيم ابنَه إسماعيل بما أُوكل إليه، فتلبية هذا الأمر كانت بمثابة واجب.
-
توجها معًا إلى موقع بناء البيت، حيث لم يتبقى منه سوى الأساسات.
- بدأا في بناء البيت من جديد، إذ قام إبراهيم عليه السلام برفع الجدران الحجرية.
-
كان ابن إسماعيل يسلم والده الحجارة، بينما كان إبراهيم واقفًا على حجر.
- وذلك لكي يتمكن من إتمام بناء مقام إبراهيم عليه السلام.
-
هذا المقام الذي صلى فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد الطواف.
- وحين انتهى إبراهيم عليه السلام من بناء البيت، أمره الله بالطواف حوله سبع مرات.
- فاستجاب إبراهيم وطاف مع ابنه إسماعيل -عليهما السلام- وكانا يدعوان ربهما.
-
“ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمةً مسلمةً لك، وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، ربنا وابعث فيهم رسولًا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم”.
-
إبراهيم عليه السلام هو الذي طهر البيت من الأوثان والرجس، وعند الانتهاء من الدعاء، استجاب لهما الله عز وجل.
- قائلا: “وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنًا، واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى، وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود”.
مكانة البيت العتيق
- لا شك أن للبيت العتيق مكانة عظيمة في نفوس المسلمين، حيثيات الكعبة المشرفة تُعَد المكان الوحيد الذي أمر الله سبحانه وتعالى جميع عباده بالطواف به.
- كما أن الكعبة تعتبر المكان الذي كرمه الله للعبادة، حيث يمكن أداء الصلاة وذكر الله فيه التقرب إلى الله عز وجل.
- وأي طواف خارج الكعبة يُعتبر شركًا بالله عز وجل.
-
ويعتبر البيت الحرام هو القبلة الأساسية التي يتجه إليها المسلمون للصلاة، من جميع أنحاء العالم لأداء فريضة الحج والعمرة.
مشروعية الطواف في الإسلام
عند مناقشة مشروعية الطواف في الإسلام، يجب التأكيد على أنه يعدّ من العبادات التي أقرّت في الدين الإسلامي، بموجب أدلة من قرآن كريم وسنة نبوية شريفة، ومن بين تلك الأدلة:
من القرآن الكريم:
قال الله تعالى في سورة الحج:
بسم الله الرحمن الرحيم
“ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق”. صدق الله العظيم.
من السنة النبوية:
ورد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قوله: “كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا طاف في الحج أو العمرة، أول ما يقدم سعى ثلاثة أطواف، ومشى أربعةً، ثم سجد سجدتين، ثم يطوف بين الصفا والمروة”.
فضل الطواف بالبيت العتيق
-
يُعتَبر الطواف حول البيت العتيق من أعظم العبادات وهو ركن رئيسي يجب على الحاج أو المعتمر تأديته، إذ يُشترط لصحة أداء فريضة الحج أو العمرة.
- ثابت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدأ طوافه في حجه.
-
وروى عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: “أول شيء قام به -عند وصول النبي صلى الله عليه وسلم- هو الوضوء ثم الطواف”.
- كما يظهر فضل الطواف بشكل واضح في السنة النبوية الشريفة، إذ قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من طاف بهذا البيت أسبوعًا فأحصاه، كان كعتق رقبة، لا يضع قدمًا إلا حط الله عنه بها خطيئةً، وكتب له بها حسنة”.
أحدث التعليقات