أول معركة بحرية في الإسلام وأهم أحداثها باختصار يجب على كل مسلم أن يكون ملمًا بها لكونها جزء هام من تاريخنا الإسلامي، ويجب علينا أن نغفل تلك الأحداث العظيمة فهي ما تشكل هويتنا ووعينا التاريخي، كذلك يجب تعلم الدروس المستفادة من تلك الأحداث التاريخية الملهمة، ومن خلال موقع سوبر بابا نتناول أول معركة بحرية في الإسلام؛ لنشر الوعي التاريخي.
معركة ذات الصواري تعد أول معركة بحرية حدثت في العام 35هـ 655م بين المسلمين والإمبراطورية البيزنطية وانتهت بنصر المسلمين، ومثلت هذه المعركة نهاية سيطرة الدولة البيزنطية على البحر الأبيض المتوسط.
اقرأ أيضًا: لماذا سميت غزوة بدر بهذا الاسم
كانت للإمبراطورية البيزنطية في العصور الوسطى هيمنة واسعة على قارات العالم القديم وخاصة البحر الأبيض المتوسط، لأن موقع البحر له أهمية استراتيجية بالغة حيث يتوسط ثلاث قارات وهم آسيا وأفريقيا وأوروبا، وكان البيزنطيين يعلمون جيدًا أن من يسيطر عليه تكون له الأفضلية في السيطرة على العالم.
لتتمكن الإمبراطورية البيزنطية من السيطرة على هذا الموقع الاستراتيجي، كان عليها أن تبني أسطولًا بحريًا حربيًا ضخمًا يرعب جميع القوى العظمى في العالم.
كما دربت الإمبراطورية مجموعة من القوات المسلحة بأقوى الأسلحة في هذا العصر، وخصصت أماكن شاسعة في مستعمراتها المترامية الأطراف لبناء مصانع السفن العملاقة أهمها الإسكندرية والقسطنطينية وقرطاجة وعكا وكذلك على سواحل أوروبا وغيرها لبناء أقوى السفن لتعزيز الأسطول بشكل مستمر.
في عهد جستنيان يوستانيوس بلغ السلاح البحري البيزنطي أوج ازدهاره وتفوقه عدديًا وتقنيًا في منتصف القرن السادس الميلادي، كذلك عهد هرقل ما قبل منتصف القرن السابع، ناهيك عن السفن التجارية التي تستخدم في إمداد الجيش بالمؤن والقوات الداعمة.
مما مكنها من الهيمنة على جميع المدن الساحلية الهامة، وفرض السيطرة على جميع مداخل البحر الأبيض المتوسط، فجعل دخول أي تجارة منافسة لتلك الإمبراطورية مستحيلًا، فسيطروا على مفاصل التجارة الدولية في جميع أنحاء العالم.
كان المسلمون آنذاك حديثي العهد بالسلاح البحري، ولم يكن لديهم تجارب حربية بحرية من قبل، لكنهم أدركوا خلال فترة فتوحات الشام أن الأسطول البيزنطي يُشكل تهديدًا للدولة الإسلامية ولتوسعها، فكان القرار ببناء الأسطول البحري الإسلامي لضرورته في تلك المرحلة الهامة من تاريخ الدعوة.
أول من اقترح بناء أسطول هو معاوية بن أبي سفيان حيث كان واليًا على بلاد الشام وقتها، وكان في عهد إمارة عمر بن الخطاب، فكانت الموافقة من أمير المؤمنين والأمر بالبدء فورًا، فأنطلق المسلمون سريعًا في بناء أول أسطول بحري إسلامي في التاريخ، ليدخل بذلك ضمن الاستراتيجية الحربية للفتوحات.
كان من المتوقع ألا تقف الإمبراطورية عاجزة أما الأسطول الذي سيصبح خطرًا داهمًا، لاسيما أن من يقوده هم المسلمون المعروفين بشجاعتهم وروحهم القتالية العالية، ولأنهم لا يريدون منافسًا جديدًا.
لذلك حاولوا بشتى الطرق قطع الإمدادات لمصانع السفن التي يملكها المسلمون، وانقسمت العمليات الحربية للأسطول الإسلامي إلى قسمين.
ليس هناك سبب واحد لاندلاع معركة ذات الصواري فجميع المصادر اختلفت فيما بينها على سبب محدد لها، كما جاءت المخطوطات التاريخية بعدة أسباب لأول معركة بحرية في الإسلام أهمها:
اقرأ أيضًا: لماذا سميت غزوة الخندق بهذا الاسم
تعتبر أحداث تلك المعركة من أعجب الأحداث التي شهدها التاريخ، نظرًا للفارق العددي والتقني بين الجيشين، كذلك فارق الخبرة الواسع، ولكن قما قال الله تعالى في سورة البقرة (فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا اليَوْمَ بِجَالُوتَ وجُنُودِهِ قَالَ الَذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ).
كانت القواعد التي يعسكر بها الجيشين متباعدة حيث كان الأسطول الإسلامي قوامه 200 سفينة فقط وعلى رأسه القائد المغوار عبد الله بن سعد بن أبى سرح والي مصر في ذلك الوقت.
بينما كان أسطول بيزنطة قوامه من 700 الى 1000 سفينة حربية متطورة عليها أفضل الجنود البيزنطيين المدربين، وعلى رأسه قائده قسطنطين الثاني.
انزل القائد عبد الله بن سعد نصف الجنود مع قائد آخر يسمى بسر بن أبي أرطأة إلى اليابس ليواجهوا جنود الإمبراطورية البيزنطية القابعين هناك كذلك ليستكشف المكان ويراسلوه بالمستجدات.
على الجانب الآخر خرج الجنود البيزنطيين بالقوات البحرية وقابلوا المسلمون في البحر ولكن الرياح كانت على المسلمين.
عندما سكنت الريح قال القائد عبد الله بن سعد لجيش بيزنطة: الأمان بيننا وبينكم، وباتوا تلك الليلة في سفنهم، بينما كان المسلمون يتضرعون إلى الله طوال الليل ويدعونه بالنصر ورفع راية الإسلام.
بدأت أحداث أول معركة بحرية في الإسلام في الصباح الباكر بين الأسطولين وبدأ التراشق بين سفن الجيشين بالأسهم، عندما تسمح المسافة بين السفينتين بذلك، وعندما نفذت الأسهم من الجنود المسلمين، تابعوا القتال بالحجارة.
كانت خطة المسلمين في تلك الحالة أن يجعلوا في أعلى صواري السفن صناديق يسمونها التوابيت، يصعد المقاتل المسلم إليها لهدفين أولهم أن يستكشف العدو من بعيد وثانيًا ليرميهم بالحجارة من داخلها، فلا يستطيع الجنود إصابتهم في هذا الصندوق العالي.
لكن من شدة المعركة نفذت الحجارة وأصبح المسلمون لا يملكون إلا السيوف والرماح، فما كان منهم إلا أن اتبعوا الخطة المتفق عليها بربط سفنهم بسفن الأعداء وتحولت أسطح السفن إلى أرض لمعركة برية بالسيوف والرماح، والتي يبرع فيها المسلمون.
حتى انتهت المعركة بهزيمة الأسطول البيزنطي هزيمة منكرة بعد معركة حامية الوطيس.
أرجع المؤرخون سبب التسمية إلى كثرة عدد صواري السفن التي شاركت في المعركة من الطرفين حيث كان مشهد حركة الصواري مهيبًا أثناء المعركة.
بعض المؤرخين أكدوا أن السبب الحقيقي أنها سميت بذات الصواري نسبة إلى المكان الذي دارت المعركة بالقرب منه، حيث اشتهر بكثرة الأشجار التي تستخدم في صناعة السفن، وهذا الرأي هو الأرجح لعدة أسباب.
كانت لأحداث أول معركة بحرية في الإسلام الكثير من المكاسب للجيش المسلم وللدولة الإسلامية، كما رسخت مكانة جديدة للقوى الإسلامية من خلال عدة نتائج.
اقرأ أيضًا: غزوة أحد أسبابها ونتائجها
الهدف من القصص التاريخية الإسلامية، هي استلهام القيم وتعلم الدروس، كذلك الاقتداء بأبطالها من القادة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فنصرهم الله في الدنيا ولهم خير الجزاء في الآخرة بإذن الله.
تعتبر أول معركة بحرية في الإسلام وأحداثها، من القصص الخالدة في التاريخ الإسلامي، وسوف تدوم فخرًا للامة الإسلامية حتى يكتب التاريخ آخر صفحاته.
أحدث التعليقات