تتباين آراء العلماء فيما يتعلق بأول ما خلقه الله -تعالى-، وفيما يلي أهم ما تم التوصل إليه من قبل الباحثين في هذا المجال:
يتفق معظم العلماء على أن العرش هو أول مخلوق خلقه الله -عزّ وجلّ- والذي يمكن للبشر أن يتعرفوا عليه، بينما يذهب بعض العلماء مثل ابن جرير الطبري وابن الجوزي -رحمهما الله- إلى أن القلم هو أول ما خلق الله -سبحانه وتعالى-. وقد استندوا في رأيهم هذا إلى الحديث النبوي الشريف الذي يقول: (إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ). لكن هذا الرأي قد تم الطعن فيه من خلال روايات نبوية أخرى تشير إلى أن الله -سبحانه وتعالى- عندما خلق القلم وأمره بكتابة المقادير الجارية حتى يوم القيامة، كان العرش قد تم خلقه بالفعل، وأن عرش الله -سبحانه- كان على الماء. وعلى ذلك، يمكن فهم حديث النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على أن المقصود به هو أمر الله للقلم بالكتابة، وبالتالي تكون “ما” في نص الحديث تعني المصدر وليس الموصول.
عند استعراض آراء أهل العلم، نجد أن بعضهم يرجح أن الماء قد تم خلقه قبل العرش. فلقد ذكر الله -سبحانه-: (وكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ)، كما أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (كُلُّ شَيءٍ خُلِقَ مِن مَاءٍ)، مما يدل على أن الماء هو أول المخلوقات، وهو أيضاً مادة جميع المخلوقات وأصل وجودها، وكل ما تبعه من مخلوقات هو ناتج عن الماء.
يرى بعض العلماء أن هذه المسألة التي تحتوي على أخبار وروايات كثيرة لا تؤثر على العقيدة، ومن هنا فإن عدم المعرفة بها لا يسبب ضرراً، خاصةً أن الإنسان لن يُسأل عن مثل هذه الأمور يوم لقاء الله -عزّ وجلّ-. فقد قال الله -سبحانه-: (ما أَشهَدتُهُم خَلقَ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلا خَلقَ أَنفُسِهِم). لذا يجب على المسلم أن يوجه معرفته بمخلوقات الله -تعالى- بالقدر الذي يساعده في تأدية مهمة الاستخلاف وعمارة الأرض وفقاً لما يريده الشرع، وترك ما وراء ذلك لله -سبحانه وتعالى-.
أحدث التعليقات