في زمن النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- كان الصحابة يتسلقون أسطح المساجد لرفع الأذان للصلاة، ولم تكن هناك مئذنة معروفة في تلك الفترة، كما كان الحال في زمن الخلفاء الراشدين. وقد أطلق على هذه الهياكل اسم المنارة. وذكر البلاذري في كتابه “فتوح البلدان” أن أول مئذنة تم إنشاءها كانت في عهد معاوية بن أبي سفيان، من قبل عامله زياد في مدينة البصرة، وكان ذلك في عام خمسة وأربعين هـ.
وأشار المقريزي إلى أن أول مئذنة بُنيت كانت بواسطة مسلمة بن مخلد، الذي كان والياً على مصر، بالأعلى من مسجد عمرو بن العاص. حيث قام بإنشاء أربعة صوامع فوق المسجد، وكان ذلك في بداية فترة الخلافة الأموية.
تم تشريع الأذان في السنة الثانية من الهجرة، وكان الصحابي الجليل بلال بن رباح -رضيَ الله عنه- هو أول مؤذن في تاريخ الإسلام. يعتبر الأذان وسيلة تُستخدم لإعلام المسلمين بدخول وقت الصلاة، إذ كان المسلمون قبل تشريع الأذان يجتمعون لأداء الصلاة دون نداء أو إعلام.
ومع مرور الوقت، ومع زيادة عدد المسلمين وانتشار الإسلام في مختلف أنحاء العالم، أصبح من الصعب عليهم الانتباه لدخول وقت الصلاة، خاصةً أنهم كانوا يتطلعون لأدائها في بداية وقتها. بالإضافة إلى أن اليهود كانوا يستخدمون البوق والنصارى كانوا يستخدمون الجرس، مما جعل الحاجة ملحة لإيجاد وسيلة مميزة للمسلمين لتنبيههم لبدء وقت الصلاة.
استمر بلال -رضيَ الله عنه- في أداء الأذان للرسول -صلّى الله عليه وسلّم- طيلة فترة حياته، سواء في الحضر أو في السفر. وعند دخول وقت الصلاة كان يقوم للأذان، وعندما ينتهي، يتجه نحو حجرة الرسول وينادي: “حي على الصلاة، حي على الفلاح يا رسول الله”، حتى يخرج رسول الله من حجرته ليبدأ بلال في إقامة الصلاة.
قام الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بتأسيس أول مسجد في الإسلام، وهو مسجد قباء، عند وصوله إلى منطقة قباء. بُني هذا المسجد على تقوى الله، وصلى فيه الرسول مع الجماعة. ولم يكن مسجد قباء خاصاً بفئة معينة من المسلمين، بل كان مفتوحاً لجميع المسلمين.
وفي مكة المكرمة، قام أبو بكر الصديق -رضيَ الله عنه- ببناء مسجد لنفسه يتعبد فيه، إلا أن هذا المسجد لم يكن يُعتبر الأول في الإسلام نظرًا لخصوصيته، بينما مسجد قباء كان مسجداً عاماً.
في السنة الثامنة من الهجرة بُني أول منبر في الإسلام على يد غلامٍ من الأنصار يُدعى مينا، ويُقال أيضًا إن اسمه إبراهيم. تم صنع هذا المنبر لرسول الله من شجر الأثل، حيث تم إعداد درجتين ومقعد. وبعد بناء المنبر، صعد عليه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- وبدأ يخطب بالناس، بعدما كان يخطب عند جذع شجرة. وعند صعوده إلى المنبر حنّ الجذع له -صلّى الله عليه وسلّم- تعبيراً عن حنينه إليه.
أحدث التعليقات