أول ليلة في القبر تقشعر الأبدان لتفاصيلها، فهي التي يختبر بها العبد تفاصيل اللقاء الأول للحساب، أيكون أكثر رفقًا مع الصالح؟ أم أن العِباد سواسية؟ لكنّه بالنهاية يجب أن يعمل الإنسان صالحًا ليتمكن من المرور من فتنة القبر، وعبر سوبر بابا نُعرفك تفاصيل الدقائق الأولى به.
حدثنا النبي -صلى الله عليه- وسلم كثيرًا عن القبر، والحساب الذي فيه، وأن الله تعالى يرزق من يشاء الأمن فيه، ويؤتي من يشاء العذاب.
لا أحد يستثنى من أهوال أول ليلة في القبر، الطفل والكبير، من كفر بالله ومن اصطلح حاله، إلا أنها لا تكون متشابهة بين جميع العباد، كلٌ حسب أعماله، ويمر العبد فيه بمراحل وخطوات كثيرة.
بأول ليلة في القبر، بل الساعات الأولى.. يذهب الأبناء، زوجك وأحبابك ومن يشد عضدك في الدنيا، ويتركونك في هذا القبر وحيدًا، ليتحدث هو إليك، فإذا كان العبد صالحًا يقول له مرحبًا وأهلًا، وإذا كان عاصيًا يقول لا مرحبًا ولا أهلًا.
يجزع الإنسان إذا ما حدّثه القبر، ولا ينفك تهدأ سريرته إلا يأخذه بالتي تليها، فيضيق على جسد الإنسان، ويضغط عليه، وليس هذا من العقاب، فالجميع مهما كان عمله يضيق عليه.
عن عائشة رضي الله عنها أنها روت عن النبي صلى الله عليه وسلم: “للقبرِ ضغطةٌ لو نجا منها أحدٌ لنجا منها سعدُ بنُ معاذٍ” صحيح.
يذكر العلماء في السبب الذي ترجع إليه هذه الضمة هو أن البشر أصلهم من الأرض، هي أمهم التي خلقوا منها، فإذا ما عادوا إليها ضمتهم بين ثناياها، ولكنها تضم العاصي بقسوة، وترفق بمن كان عابدًا قانتًا.
يدخل الملكان على العبد في قبره فيشتد فزعه أكثر، ويسألانه عن دينه وحياته، حيث قال صلى الله عليه وسلم:
“ما من شيءٍ لمْ أكُنْ أُرِيتُهُ، إلَّا رأيتُهُ في مَقامِي هذا، حتى الجنَّةَ والنارَ، ولَقدْ أُوحِيَ إليَّ أنَّكمْ تُفتَنُونَ في قُبورِكمْ، مِثلَ أوْ قرِيبًا من فِتنةِ المسيحِ الدَّجالِ، يُؤتَى أحدُكمْ فيُقالُ لهُ: ما عِلْمُكَ بِهذا الرجلِ؟ فأمّا المؤمِنُ أوِ المُوقِنُ، فيَقولُ: هوَ مُحمدٌ رَسولُ اللهِ، جاءَنا بِالبيِّناتِ والهُدَى، فأجَبْنا وآمَنّا، واتَّبَعْنا، هوَ مُحمدٌ (ثلاثًا)، فيُقالُ لهُ: نَمْ صالِحًا، قدْ علِمْنا إنْ كُنتَ لَمُوقِنًا به، وأمَّا المنافِقُ أو المُرتابُ، فيَقولُ: لا أدْرِي، سمِعتُ الناسَ يَقولونَ شيئًا فقُلتُهُ“.
بعد أن تنتهي الأسئلة والإجابة عليها، يؤخذ العبد إلى طورٍ آخر من الحياة في القبر، فالعبد الذي يُجيب عن سؤال الملكين يكون له النعيم، ومن لا يُجيب يبقى في العذاب إلى أن تقوم الساعة.
حيث يكون القبر بالنسبة له كحفرة من نار، وجاء أنه حتى لو لم يُدفن الكافر فإنه يبقى كذلك في العذاب، لذا لا حاجة لما يفعله الكثيرين من حرق لأجساد الموتى فهذا لا يُنجيهم من العذاب.
اقرأ أيضًا: دعاء لأبي المتوفي من القرآن
في أول ليلة للميت في القبر من الأكيد أنه يكون في غاية الوحشة، إلا أنه قد ورد الكثير من الأدلة بأن الميت حين يكون في قبره يسمع خطوات أقدام من يبقون حوله.
حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّ العبدَ إذا وُضِعَ في قبرِه وتَولَّى عنه أصحابُه وإنه ليَسمعُ قَرْعَ نعالِهم، يأتيه مَلَكَانِ فيقولانِ: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ يعني: محمدًا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؟ قال: فأمَّا المؤمنُ فيقولُ: آمنتُ أنه عبدُ اللهِ ورسولُه، فيُقالُ له: انظرْ إلى مقعدِك في النارِ قد أبْدَلَكَ اللهُ مقعدًا في الجنةِ فيراهُما جميعًا“.
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم حين انتهت غزوة بدر أتى ونادى عليهم فَقالَ: “يا أَبَا جَهْلِ بنَ هِشَامٍ يا أُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ يا عُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ يا شيبَةَ بنَ رَبِيعَةَ أَليسَ قدْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فإنِّي قدْ وَجَدْتُ ما وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، كيفَ يَسْمَعُوا وَأنَّى يُجِيبُوا وَقَدْ جَيَّفُوا؟ قالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ ما أَنْتُمْ بأَسْمع لِما أَقُولُ منهمْ، وَلَكِنَّهُمْ لا يَقْدِرُونَ أَنْ يُجِيبُوا ثُمَّ أَمَرَ بهِمْ فَسُحِبُوا، فَأُلْقُوا في قَلِيبِ بَدْرٍ” صحيح مسلم.
الأمر الذي يجعل ضغطة القبر لينة على البعض، وشديدة على آخرين هي أعمالهم في الدنيا.
اقرأ أيضًا: اللهم اغفر له وارحمه واسكنه فسيح جناتك
إن إمكانية التعرض لعذاب القبر حقٌ على العباد جميعًا، وهو بالفعل خوفٌ وفزع.. لذا يجدر بنا فعل ما يُنجينا منه، والذي يتمثل في أمورٍ عدة.
تُعد من أكثر الأمور التي ترفع العبد درجات، وتضعه بمنزلة المؤمنين عند الله تعالى، بل يُجنبه الله من عذاب القبر.
إن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويكشف السوء، فيُخفف عمن يتوب إليه قبل وفاته ولا يتعرض لهذا العذاب الذي لا يقوى عليه أحد، والتضرع إليه سبحانه بالدعاء هو خير الأساليب لذلك.
اقرأ أيضًا: أدعية لتخفيف الحزن على الميت
أول ليلة في القبر لا تحوي فقط الجانب الروحاني، بل تحدث بها الكثير من التغيرات الأخرى من تحلل للجسد.
أول ليلة في القبر من الأكيد أنها صعبة وموحشة على الجميع، لكن الإخلاص في العبادة هو ما يجعل الموقف أخف وطئًا.
أحدث التعليقات