أول شخص قام بالطواف حول الكعبة المشرفة

أوّل من طاف بالبيت العتيق

تناولت المراجع التاريخية روايتين تتعلقان بأول من طاف بالبيت العتيق، وهما:

  • الرواية الأولى: تشير إلى أن الأزرقي روى عن محمد بن علي بن الحسين أن الملائكة كانت أول من طاف بالبيت العتيق، حيث أمرها الله -تعالى- بالنزول إلى الأرض لبناء البيت ومن ثم الطواف به. وذلك ليقوم أهل الأرض بعد ذلك بالطواف كما تطوف الملائكة بالبيت المعمور في السماء. وفقًا لهذه الرواية، فإن الملائكة هم أول من طاف بالبيت.
  • الرواية الثانية: يروي ابن عباس أنه عندما نزل آدم -عليه السلام- إلى الأرض، اشتكى إلى الله من عدم سماعه لصوت الملائكة. فأمره الله بأن يذهب إلى موضع البيت العتيق ليقوم ببنائه والطواف به. حينها جاء جبريل -عليه السلام- لمساعدته، فضرب الأرض بجناحه فظهرت أساسات البيت. ثم نزلت الملائكة بالحجارة فقامت بمساعدته في البناء. وبعد أن انتهى آدم -عليه السلام- من بناء البيت، أمره الله بالطواف حوله، فكانت بذلك أول بيت وضع للناس، رغم أن الحديث المروي في هذا السياق غير صحيح.

بناء إبراهيم للكعبة

أوحى الله -تعالى- إلى إبراهيم -عليه السلام- ببناء البيت، وأخبر ابنه إسماعيل بما أوحاه له ربه. فتوجه الاثنان إلى موضع البيت، حيث لم يتبقَ منه إلا الأساسات. وبدأا في أعمال البناء، إذ كان إبراهيم يقوم برفع الحجارة بينما كان إسماعيل يقدم له الأحجار. وقد وقف إبراهيم على حجر معروف بمقام إبراهيم ليتمكن من إتمام المهمة، وهو الذي صلى فيه النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- ركعتين بعد الطواف. وعندما انتهى إبراهيم من بناء البيت، أمره الله -تعالى- بالطواف حوله سبع مرات، فطاف مع ابنه إسماعيل -عليهما السلام-، وكانا يدعوان الله قائلين: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ*رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ*رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

كما قام إبراهيم بتطهير البيت من الرجس والأصنام، واستجاب الله لهما، فقال -سبحانه-: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ*وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ). ثم أمر الله -سبحانه- نبيه إبراهيم بالإذن للناس بالحج إلى بيته الحرام، حيث قال -تعالى-: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ). وقد وُضع الحجر الأسود في موضعه، وللإشارة، كان الحجر الأسود أبيض اللون وهو نزل من الجنة، فقد ورد عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضًا من اللبن، فسوَّدته خطايا بني آدم).

البيت العتيق

البيت العتيق يقصد به الكعبة المشرفة، وقد جاءت أقوال عدة حول سبب تسمية الكعبة بالبيت العتيق. ومن هذه الأقوال أن الكعبة ليست مملوكة لأحد، فهي عتيقة بمعنى العتق. ومن معاني العتيق أيضًا الشرف والنُبل. كما قيل أنها تُعتبر قديمة، فالعتيق من معانيه القديم وذكر أن العمارة من الله -سبحانه- قد حمتها من الأذى، فهي عتيقة بمعنى أنه محفوظة من تسلّط الآخرين أو أي ضرر. وهذا يتبين من قصة أصحاب الفيل، حيث حفظ الله بيته من أذى الجبابرة حينذاك. وعُرف عن سعيد بن جبير أن تسمية البيت بالعتيق تعود إلى أن الله وقاه من الغرق في زمن الطوفان في عهد نبي الله نوح -عليه السلام-. وأفاد الحسن بأن الكعبة سميت عتيقة لأنها كانت أول بيت لله في الأرض.

فضل الطواف والحكمة من مشروعيته

تتعدد فضائل الطواف بالبيت العتيق، وتنبع الحكمة من مشروعيته من عدة جوانب، ومنها:

  • تعتبر شعيرة من شعائر الله وركنًا أساسيًا في الحج والعمرة، ولا يُعتبر الشروع في الحج أو العمرة كاملًا دون الطواف.
  • تعد عبادة تتعلق بالتوحيد، ويأجر الله المسلم على أدائها، بينما يُعد الطواف بغير البيت الحرام نوعًا من الشرك الذي يستوجب العقاب. لذلك، يُعتبر البيت الحرام مكانًا مطهرًا، حيث أوحى الله لإبراهيم -عليه السلام- أن يُطهره للطائفين.
  • تحقيق لعبادة ذكر الله، حيث ورد في السنة النبوية عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قولها: (إنما جُعِلَ رَمْيُ الجمارِ والسَّعْيُ بين الصفا والمروةِ لإقامة ذِكْرِ الله).
  • يعتبر من أفضل النوافل التي يُتقرّب بها العبد إلى ربه في مكة، حيث يمكنه أن يتعبد بالنوافل في أماكن أخرى، لكن لا يمكنه أداء الطواف إلا في البيت الحرام.
  • يعمل على تحقيق أجر عظيم، كما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عندما أشار إلى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ طافَ بِهذا البيتِ أَسبُوعًا فأَحْصَاهُ كان كَعِتْقِ رَقَبَةٍ).
  • تشمل العبادة تواجد القلب واللسان والبدن معًا أثناء الطواف.
Published
Categorized as إسلاميات