تناولت المراجع التاريخية روايتين تتعلقان بأول من طاف بالبيت العتيق، وهما:
أوحى الله -تعالى- إلى إبراهيم -عليه السلام- ببناء البيت، وأخبر ابنه إسماعيل بما أوحاه له ربه. فتوجه الاثنان إلى موضع البيت، حيث لم يتبقَ منه إلا الأساسات. وبدأا في أعمال البناء، إذ كان إبراهيم يقوم برفع الحجارة بينما كان إسماعيل يقدم له الأحجار. وقد وقف إبراهيم على حجر معروف بمقام إبراهيم ليتمكن من إتمام المهمة، وهو الذي صلى فيه النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- ركعتين بعد الطواف. وعندما انتهى إبراهيم من بناء البيت، أمره الله -تعالى- بالطواف حوله سبع مرات، فطاف مع ابنه إسماعيل -عليهما السلام-، وكانا يدعوان الله قائلين: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ*رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ*رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
كما قام إبراهيم بتطهير البيت من الرجس والأصنام، واستجاب الله لهما، فقال -سبحانه-: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ*وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ). ثم أمر الله -سبحانه- نبيه إبراهيم بالإذن للناس بالحج إلى بيته الحرام، حيث قال -تعالى-: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ). وقد وُضع الحجر الأسود في موضعه، وللإشارة، كان الحجر الأسود أبيض اللون وهو نزل من الجنة، فقد ورد عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضًا من اللبن، فسوَّدته خطايا بني آدم).
البيت العتيق يقصد به الكعبة المشرفة، وقد جاءت أقوال عدة حول سبب تسمية الكعبة بالبيت العتيق. ومن هذه الأقوال أن الكعبة ليست مملوكة لأحد، فهي عتيقة بمعنى العتق. ومن معاني العتيق أيضًا الشرف والنُبل. كما قيل أنها تُعتبر قديمة، فالعتيق من معانيه القديم وذكر أن العمارة من الله -سبحانه- قد حمتها من الأذى، فهي عتيقة بمعنى أنه محفوظة من تسلّط الآخرين أو أي ضرر. وهذا يتبين من قصة أصحاب الفيل، حيث حفظ الله بيته من أذى الجبابرة حينذاك. وعُرف عن سعيد بن جبير أن تسمية البيت بالعتيق تعود إلى أن الله وقاه من الغرق في زمن الطوفان في عهد نبي الله نوح -عليه السلام-. وأفاد الحسن بأن الكعبة سميت عتيقة لأنها كانت أول بيت لله في الأرض.
تتعدد فضائل الطواف بالبيت العتيق، وتنبع الحكمة من مشروعيته من عدة جوانب، ومنها:
أحدث التعليقات