يؤكد الباحثون المتخصصون في تاريخ اللغة العربية أنه لا توجد معلومات موثوقة حول بداية هذه اللغة، وأقدم ما تم التوصل إليه يعود إلى القرن الخامس الميلادي. وقد اختلف العلماء حول أول شخص تحدث باللغة العربية، حيث يُرجح البعض أن يكون آدم عليه السلام، بينما يُعتقد آخرون أن جبريل عليه السلام هو من نقلها إلى نوح عليه السلام، ثم انتقلت لاحقاً إلى ابنه سام. ومن المقترحات الأخرى التي تشير إلى أن النبي إسماعيل هو أول من تحدث بالعربية، فإن الحديث النبوي الذي يقول: (فألفى ذلك أمُّ إسماعيلَ وهي تُحِبُّ الأُنْسَ) يتناقض مع هذا الرأي، لأنه يدل على وجود قبيلة تتحدث بالعربية قبل مجيئه، وأنهم هم من علموه هذه اللغة. وعند النظر إلى الاحتمال القائل بأن آدم عليه السلام هو أول من تحدث العربية، فإنه لا يوجد دليل من القرآن الكريم أو السنة النبوية يشير إلى ذلك.
تعد اللغة العربية من أقدم اللغات التي لا تزال تحتفظ بخصائصها المميزة من حيث الصوت والصرف والنحو والأدب. وعلى الرغم من أن اللغات اليونانية والعبرية والسنسكريتية واللاتينية قد تم تدوينها قبل العربية بقرون عديدة، إلا أن هذه اللغات فقدت الكثير من المفردات والقواعد النحوية المميزة في الوقت الحاضر. فاللغة اليونانية، على سبيل المثال، لم تعد تُستخدم كما كانت في زمن الفلاسفة مثل أرسطو وأفلاطون، بينما اللغة العربية التي نستخدمها اليوم لا تزال محتفظة بأصالتها مع بعض الاستثناءات لبعض الألفاظ التي تكاد تكون نادرة الاستخدام اليوم.
تتوزع اللهجات العربية على نطاق واسع؛ حيث كانت هناك لهجات قديمة لقبائل مثل ثقيف وطيء وهُذيل، ولكن لهجة قبيلة قُريش كانت الأكثر شهرة وبلاغة. وذلك يعود إلى تجمع الحجاج في البيت العتيق سنوياً، مما مكن أهل قريش من الاستماع إلى اللهجات المختلفة واختيار ما يناسبهم، الأمر الذي ساهم في الحفاظ على لهجتهم نقية وأصيلة، دون أي تأثيرات أجنبية. وقد كان ذلك نتيجة لبعد جزيرة العرب، وبشكل خاص قريش، عن الثقافات الأخرى مثل الفارسية والرومانية والأحباش.
أحدث التعليقات