في إطار الدعوة الإسلامية، خاصة في المراحل الأولى من انتشار الدين الحنيف، قدم العديد من الأفراد تضحيات جليلة بأرواحهم، ليشهدوا على رفعة راية الإسلام واكتمال رسالته.
بينما تضحية بعضهم كانت في المال والعشيرة، نستعرض في هذا المقال الشهداء الذين فدوا حياتهم في سبيل نصرة الدين الإسلامي.
يُعتبر الحارث بن أبي هالة أول شهيد في الإسلام من الرجال، حيث تشير المصادر التاريخية إلى أنه كان أول من استشهد في سبيل الله، وهو أخو هند بن أبي هالة، الذي تربى في كنف النبي صلى الله عليه وسلم.
استشهد الحارث عندما أُمر النبي صلى الله عليه وسلم ببدء الدعوة الإسلامية، حيث خاطب قريشًا في بيت الله الحرام داعيًا إياهم للاعتراف بكلمة التوحيد وبدعوة الإسلام. تهجم كفار قريش حول النبي بغرض إيذائه.
وعندها، بادر الحارث بن أبي هالة للدفاع عنه، فقاتلهم حتى استشهد تحت الركن اليماني في المسجد الحرام. وبعد وفاته، جمع النبي صحابته رضي الله عنهم وأوصاهم بأولى الوصايا في الإسلام.
لا شك أن الشهادة في سبيل الله تمنح أجرًا عظيمًا في الدين الإسلامي، إذ إنها اختيار من الله عز وجل لأفضل عباده ليكونوا مع الأنبياء والصديقين في الجنة. الشهداء ليسوا أمواتًا بل هم أحياء عند ربهم يتلقون الرزق.
وقد أعد الله للشهداء مكافآت عظيمة بمجرد أن تُراق أول قطرة دم منهم، حيث يغفر لهم جميع ذنوبهم ويمنحهم الأمان من الفزع الأكبر، ويقيهم عذاب القبر ويوضع على رؤوسهم تيجان الوقار، ويشفعون في سبعين من أهلهم.
ومنذ بداية الدعوة، كان معظم من تابع النبي يتوقون للشهادة لنصرة الدين وإظهار الحق، ولطلب نعيم الله الموعود للشهداء في جنة الخلد.
قدم المسلمون الأوائل تضحيات جسيمة في بداية الدعوة الإسلامية، نصرةً لدين الله ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم. منهم من ضحى بماله أو منزله أو مكانته بين قومه، بل هناك من ضحى بنفسه.
وقد وعد الله من يقدم روحه في سبيله بثواب عظيم، كما ورد في كتابه الكريم.
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ*فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ*يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ).
تُعرف الشهادة في اللغة بأنها مأخوذة من الجذر “ش-ه-د” الذي يدل على الحضور والعلم، فالمشهد يعني الحضور من الناس، ومن يشهد هو من يعرف بما لديه أو بما رآه أو سمعه.
أما الشهيد، فهو القتيل في سبيل الله، وسُمِّي بذلك نظرًا لتواجد ملائكة الرحمة حوله، وأيضًا لأنه يسقط قتيلًا على الأرض التي تُعرف باللغة العربية بالأرض الشاهدة.
تعرف الشهادة في الاصطلاح الشرعي بأنها القتال والقتل في سبيل الله، ويكون الشهيد من مات من المسلمين في قتال الكفار أو بسببهم. وقد خص الله الشهداء بمنزلة رفيعة وثواب عظيم.
من ضمن الوصفات التي تنتمي إلى هذا الثواب، ما رواه المقدام الكندي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده في الجنة، ويُجار من عذاب القبر، ويُؤمَن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويُزوَج من اثنتين وسبعين من الحور العين، ويشفع لسبعين من أهله).
عند الحديث عن الشهداء، يتبين من التاريخ أن أول شهيدة في الإسلام كانت امرأة، ضحت بنفسها في سبيل الله لنصرة دين الحق، وهي سمية بنت الخياط، التي كانت أمة لأبي حذيفة بن المغيرة، وكانت من الأوائل في قبول الإسلام.
وقد تعرضت سمية إلى تعذيب قاسٍ على يد أبو حذيفة بن المغيرة في محاولة لإجبارها على التخلي عن الإسلام.
إلا أنها صمدت حتى قُتلت على يد أبي جهل، الذي طعنها برمح، لتصبح بذلك أول شهيدة في الإسلام.
كما يُذكر أيضًا أنها كانت من أوائل السبعة الذين أعلنوا إسلامهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وبلال بن رباح، وخباب بن الأرت، وصهيب بن سنان، وابنها عمار بن ياسر.
وذكر الذهبي أن المقداد بن الأسود هو أحد السبعة الأول الذين شهدوا بدلاً من صهيب بن سنان.
يوجد العديد من أنواع الشهداء، يختلف كل نوع عن الآخر، وفيما يلي توضيح لهذه الأنواع:
أحدث التعليقات