أول رجل يُستشهد في الإسلام

في إطار الدعوة الإسلامية، خاصة في المراحل الأولى من انتشار الدين الحنيف، قدم العديد من الأفراد تضحيات جليلة بأرواحهم، ليشهدوا على رفعة راية الإسلام واكتمال رسالته.

بينما تضحية بعضهم كانت في المال والعشيرة، نستعرض في هذا المقال الشهداء الذين فدوا حياتهم في سبيل نصرة الدين الإسلامي.

من هو أول شهيد في الإسلام من الرجال؟

يُعتبر الحارث بن أبي هالة أول شهيد في الإسلام من الرجال، حيث تشير المصادر التاريخية إلى أنه كان أول من استشهد في سبيل الله، وهو أخو هند بن أبي هالة، الذي تربى في كنف النبي صلى الله عليه وسلم.

استشهد الحارث عندما أُمر النبي صلى الله عليه وسلم ببدء الدعوة الإسلامية، حيث خاطب قريشًا في بيت الله الحرام داعيًا إياهم للاعتراف بكلمة التوحيد وبدعوة الإسلام. تهجم كفار قريش حول النبي بغرض إيذائه.

وعندها، بادر الحارث بن أبي هالة للدفاع عنه، فقاتلهم حتى استشهد تحت الركن اليماني في المسجد الحرام. وبعد وفاته، جمع النبي صحابته رضي الله عنهم وأوصاهم بأولى الوصايا في الإسلام.

أهمية الشهادة في سبيل الله

لا شك أن الشهادة في سبيل الله تمنح أجرًا عظيمًا في الدين الإسلامي، إذ إنها اختيار من الله عز وجل لأفضل عباده ليكونوا مع الأنبياء والصديقين في الجنة. الشهداء ليسوا أمواتًا بل هم أحياء عند ربهم يتلقون الرزق.

وقد أعد الله للشهداء مكافآت عظيمة بمجرد أن تُراق أول قطرة دم منهم، حيث يغفر لهم جميع ذنوبهم ويمنحهم الأمان من الفزع الأكبر، ويقيهم عذاب القبر ويوضع على رؤوسهم تيجان الوقار، ويشفعون في سبعين من أهلهم.

ومنذ بداية الدعوة، كان معظم من تابع النبي يتوقون للشهادة لنصرة الدين وإظهار الحق، ولطلب نعيم الله الموعود للشهداء في جنة الخلد.

تعريف الشهادة في سبيل الله

قدم المسلمون الأوائل تضحيات جسيمة في بداية الدعوة الإسلامية، نصرةً لدين الله ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم. منهم من ضحى بماله أو منزله أو مكانته بين قومه، بل هناك من ضحى بنفسه.

وقد وعد الله من يقدم روحه في سبيله بثواب عظيم، كما ورد في كتابه الكريم.

(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ*فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ*يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ).

تُعرف الشهادة في اللغة بأنها مأخوذة من الجذر “ش-ه-د” الذي يدل على الحضور والعلم، فالمشهد يعني الحضور من الناس، ومن يشهد هو من يعرف بما لديه أو بما رآه أو سمعه.

أما الشهيد، فهو القتيل في سبيل الله، وسُمِّي بذلك نظرًا لتواجد ملائكة الرحمة حوله، وأيضًا لأنه يسقط قتيلًا على الأرض التي تُعرف باللغة العربية بالأرض الشاهدة.

الشهادة بالمصطلح الشرعي

تعرف الشهادة في الاصطلاح الشرعي بأنها القتال والقتل في سبيل الله، ويكون الشهيد من مات من المسلمين في قتال الكفار أو بسببهم. وقد خص الله الشهداء بمنزلة رفيعة وثواب عظيم.

من ضمن الوصفات التي تنتمي إلى هذا الثواب، ما رواه المقدام الكندي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

(للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده في الجنة، ويُجار من عذاب القبر، ويُؤمَن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويُزوَج من اثنتين وسبعين من الحور العين، ويشفع لسبعين من أهله).

أول شهيدة في الإسلام

عند الحديث عن الشهداء، يتبين من التاريخ أن أول شهيدة في الإسلام كانت امرأة، ضحت بنفسها في سبيل الله لنصرة دين الحق، وهي سمية بنت الخياط، التي كانت أمة لأبي حذيفة بن المغيرة، وكانت من الأوائل في قبول الإسلام.

وقد تعرضت سمية إلى تعذيب قاسٍ على يد أبو حذيفة بن المغيرة في محاولة لإجبارها على التخلي عن الإسلام.

إلا أنها صمدت حتى قُتلت على يد أبي جهل، الذي طعنها برمح، لتصبح بذلك أول شهيدة في الإسلام.

كما يُذكر أيضًا أنها كانت من أوائل السبعة الذين أعلنوا إسلامهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وبلال بن رباح، وخباب بن الأرت، وصهيب بن سنان، وابنها عمار بن ياسر.

وذكر الذهبي أن المقداد بن الأسود هو أحد السبعة الأول الذين شهدوا بدلاً من صهيب بن سنان.

أنواع الشهداء

يوجد العديد من أنواع الشهداء، يختلف كل نوع عن الآخر، وفيما يلي توضيح لهذه الأنواع:

  • شهيد الدنيا: يتلقى معاملة الشهيد في الدنيا.
    • تجري عليه أحكام الشهداء فلا يغسل ولا يُكفَّن.
    • إلا أنه عند الله ليس بشهيد، بل أعد الله له العقوبة.
    • لأن نية القتال لديه كانت رياء أو حب للسمعة، أو هدف دنيوي.
  • شهيد الآخرة: لا يتلقى معاملة الشهيد في الدنيا، ولا تُطبق عليه أحكام الشهداء.
    • يُغسل ويُكفَّن، ويُصلى عليه، ولكن الله أعد له أجر الشهيد في الآخرة.
    • منهم من يموت بمرض معدٍ أو غرق أو طاعون أو يُقتل ظلمًا.
  • شهيد الدنيا والآخرة: يُقتل في سبيل الله مع إخلاص النية لله تعالى، دون مصلحة دنيوية.

أحكام الشهيد

  • إن موت الشهيد لا يُعتبر حياة له فقط، بل هو حياة للأمة من بعده.
    • لأنه ضحى بنفسه وحياته لرفعة الدين الإسلامي.
    • وتظل أسماؤهم خالدة في صفحات التاريخ بأحرف من ذهب.
    • وقد أعد الله لهم النعيم في الآخرة، ومراتب عالية في الجنة.
  • الشهيد لا يُغسل: وهذه مسألة متفق عليها بين العلماء.
    • وهناك أدلة كثيرة، مثل ما رواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    • حيث أمر بقتلى أحد أن يُدفنوا بدمائهم وثيابهم دون غسل.
  • الشهيد لا يُكفَّن: يجب دفن الشهيد بثيابه التي قُتِل فيها.
    • كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد: (زمِّلوهم في ثيابهم).
    • ويُستحب تكفينه بثوب واحد فوق ثيابه.
    • كما فعل النبي مع عمه حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير رضي الله عنهما.
  • الصلاة على الشهيد: يجوز الصلاة على الشهيد أو عدم الصلاة عليه.
    • لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد صلى على بعض الشهداء وترَكَ الصلاة على آخرين.
Published
Categorized as إسلاميات