يُعتبر نيل أرمسترونج، الأمريكي المعروف، أول إنسان يطأ سطح القمر في أواخر الخمسينيات، ولكن لم يُعرف الكثير عن أول رائد فضاء عربي قام بهبوطه على القمر، وهو إنجاز فارق بحد ذاته، حتى وإن استمرت تلك الرحلة لفترة قصيرة.
تأتي أهمية هذه الرحلة أيضاً من كونها أحدثت جدلاً واسعاً، خصوصاً في ظل وجود رائد فضاء عربي ضمن طاقم مركبة فضائية تألف أساساً من رواد الفضاء الأمريكان والروس.
لعل الغريب في الأمر هو أن رائد الفضاء ينتمي إلى مجموعة من الأفراد المُدربين خصيصاً للقيام برحلات فضائية بعيدة، مما يمنحهم فرصة استكشاف الكواكب والمجموعات النجمية في الفضاء الواسع.
الأمير سلطان بن سلمان آل سعود هو الرائد العربي الذي وطأت قدماه سطح القمر، حيث حصل ذلك في السابع عشر من يونيو عام 1985م. كان الأمير سلطان رائد الفضاء العربي والمسلم الوحيد بين أفراد طاقم المكوك ديسكفري التابع لوكالة ناسا.
توجهت الوكالة بمهمة خاصة إلى القمر، حيث أُطلق القمر الصناعي عربساتB1. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الرحلة استغرقت سبعة أيام وساعة وثمانية وثلاثين دقيقة.
خلال فترة الرحلة، جمع الأمير سلطان بن سلمان العديد من الذكريات عن العالم المحيط بكوكب الأرض في الفضاء البعيد. أشار الأمير إلى حرصه على سماع آيات من القرآن الكريم المسجلة يوميًا، كما التقط صورًا للعديد من مناطق المملكة باستخدام الأقمار الصناعية.
وصرح الأمير بأن هذه التجربة كانت مثيرة للغاية وساهمت في إثراء معرفته، وعاد بمخزون من الحكايات والاكتشافات عن عالم الفضاء والقمر.
تم التفكير في انضمام الأمير سلطان بن سلمان إلى طاقم المكوك ديسكفري ضمن اتفاقية بين المؤسسة العربية للاتصالات السعودية (عربسات) ووكالة ناسا عام 1982م، لاختيار أحد الطيارين السعوديين للمشاركة في مهمة إطلاق القمر الصناعي عربسات B1.
نتيجة لذلك، رشحت وزارة الطيران السعودية ثلاثة طيارين، وكان الأمير سلطان واحدًا منهم، وأرسلوا نتائج الترشيحات إلى وكالة ناسا التي اختارت الأمير سلطان ليكون جزءًا من طاقم المكوك ديسكفري المكون من سبعة أفراد.
انتهت الرحلة بأمان بعد سبعة أيام، وعاد المكوك إلى قاعدة إدواردز في ولاية كاليفورنيا. عقب عودته، مكث الأمير سلطان في الولايات المتحدة لمدة خمسة عشر يومًا، حيث حصل على ميدالية الريادة من وكالة ناسا.
بعد ذلك، أرسلت وزارة الطيران السعودية طائرة خاصة لاستقبال الأمير سلطان والفريق المرافق له في مدينة الطائف، حيث حظي باستقبال حافل بعد نجاحه في رحلته للقمر.
زارت الأمير سلطان عدة دول عربية وأجنبية لإلقاء محاضرات حول تجربته، حيث تم تكريمه في كل من هذه الدول كأول رائد فضاء عربي ومسلم هبط على القمر.
وُلِد الأمير سلطان بن سلمان في السابع والعشرين من يونيو عام 1956م، والذي يوافق التاسع عشر من ذي القعدة لعام 1375ھ.
تحصل على درجة البكالوريوس من جامعة دنفر في الولايات المتحدة الأمريكية بتخصص الاتصال الجماهيري.
لاحقًا، حصل في عام 1999م على درجة الماجستير من كلية ماكسويل في العلوم الاجتماعية والسياسية أيضًا في الولايات المتحدة.
شغل الأمير سلطان منصب نائب رئيس لجنة الإعلام السعودية خلال دورة الألعاب الأولمبية لعام 1984م، ثم انضم إلى سلاح الجو السعودي كطيار مقاتل، حيث خدم حتى رتبة عقيد حتى عام 1996م.
في عام 2008م، تم تعيينه رئيسًا للهيئة السعودية للسياحة والتراث.
وعلى الصعيد الشخصي، تزوج الأمير سلطان من الأميرة هيفاء بنت سعود الفيصل آل سعود وأنجب منها ثلاثة أبناء هم الأمير سلمان بن سلطان، والأميرة سحر بنت سلطان، والأميرة هلا بنت سلطان.
اهتم الأمير سلطان منذوا البداية بمجال الطيران إلى جانب دراسته السياسية، حيث اكتسب خبرة في الطيران المدني والعسكري تزيد عن ثلاثين عاماً.
بدأت مسيرته في الطيران عام 1976م حين حصل على ترخيص الطيران من هيئة الطيران الفيدرالي في الولايات المتحدة، وفي عام 1978م حصل أيضًا على رخصة الطيران من رئاسة الطيران المدني السعودي.
وفي عام 2009م، حصل على شهادة التصديق الفرنسي لرخصة الطيران الأجنبية، وفي عام 2012م حصل على شهادة BBJ/B737 في الطيران.
بسبب شغفه الكبير بالطيران، أسس الأمير سلطان نادي الطيران السعودي وترأس إدارته، وعمل على تطوير النادي ليدرج ضمن قائمة الأندية العالمية.
كما حصل على شهادات في النقل الجوي وفي مجالات طيران متنوعة بما في ذلك الطائرات الشراعية وبعض أنواع المروحيات.
كان الأمير سلطان أحد مؤسسي رابطة مستكشفي الفضاء، التي تم إنشاؤها بعد عودته من رحلته التاريخية مع المكوك ديسكفري.
تهدف هذه الرابطة إلى جمع رواد الفضاء والملاحين الذين قاموا برحلات لفضاء الخارجي. وفي عام 2000م، تولى الأمير سلطان منصب الأمين العام للجنة العليا للسياحة السعودية، حيث نظم العديد من المؤتمرات في هذا المجال ودعا إليها عدة رواد فضاء.
ساهم الأمير في وضع أسس جديدة لتطوير السياحة، مما ساعد على نمو هذا القطاع بشكل ملحوظ. وترأس اللجنة حتى عام 2008م عندما تغير اسمها إلى الهيئة السعودية للسياحة والتراث.
من الجوانب الأخرى التي شغلها الأمير، كونه رئيسًا فخريًا لجمعية العمران السعودية بين عامي 1993م و2000م، التي كانت تركز على الهندسة المعمارية، ورئيسًا فخريًا للجمعية السعودية للكمبيوتر بين عامي 1991م و1998م.
انخرط الأمير سلطان بن سلمان في مجالات عدة مثل الطيران والسياحة والإعلام، وكان له دور فعال في المجالات الخيرية داخل المملكة العربية السعودية.
تولى رئاسة الجمعية السعودية الخيرية المعنية بالأطفال المعاقين بين عامي 1989م و1992م، كما شغل منصب رئيس مجلس أمناء مركز الأمير سلمان للمعاقين.
قاد الأمير سلطان أيضًا اللجان المنظمة للمؤتمرات الدولية الأولى والثانية التي جرت لمناقشة قضايا الإعاقة والتأهيل في الرياض من عام 1993م إلى عام 2000م، وفي عام 1997م، كان رئيس اللجنة الوطنية للرعاية بشؤون المعاقين.
أحدث التعليقات