تعتبر وثيقة المدينة التي أعدها الرسول -صلى الله عليه وسلّم- الأساس الذي يُمثل دستور الدولة الإسلامية الناشئة. حيث نظمت الوثيقة العلاقة بين المسلمين وجيرانهم من اليهود الذين كانوا يعيشون في المدينة المنورة، موضحةً التزامات كل طرف من الأطراف المقيمة، وذلك من خلال ترسيخ مبدأ الحقوق والواجبات المشتركة.
تضمنت بنود الوثيقة إشارات إلى وضع الدولة الإسلامية في ذلك الوقت من حيث الحرية والديمقراطية القائمة على المشاركة والتعايش بين مكونات المجتمع مع ضرورة احترام الآخر وقبوله. كما جرى التأكيد على مبادئ العدل، ونصرة المظلوم، وحفظ الحقوق لكل من المسلمين وغيرهم.
كانت هذه الوثيقة أحدث يمثل عهداً يُبرم من قبل أفضل الخلق والمرسلين -صلى الله عليه وسلّم- مع غير المسلمين، وذلك لتأسيس ما يُعرف بروابط المواطنة التي تحافظ على الدولة والمجتمع. وقد اعتمد العديد من الباحثين هذه المعاهدة لدراسة الهدي النبوي في صياغة الدساتير الدولية وتنظيم الدول الإسلامية.
جاءت الوثيقة بمجموعة من البنود التي تنظم الدولة الإسلامية، وفيما يلي أبرز هذه البنود كما وردت:
تستخلص من المعاهدة التي أرساها رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة عدة دلالات، منها:
استناداً لذلك، لا يُسمح لليهود خوض الحروب إلا بإذن منه لضمان سلامة المجتمع المدني، ويجب أن تتأسس العلاقات على التوادّ والنصح والتعاون لجلب الخير ودفع الشر.
وبهذا، لا يتاح لليهود أحكام خاصة بهم؛ بل تنطبق عليهم أحكام الوثيقة فيما يتعلق بالنظام العام من حرمة الدماء والظلم. أما في شؤونهم الشخصية فيحتكمون فيما بينهم إلا إذا طلبوا حكم الرسول -صلى الله عليه وسلّم-، الذي يحكم بالعدل في ما فيه منفعة لهم مع الحفاظ على حرية العقيدة.
ويجب أن تتحمل القبيلة مسؤولياتها تجاه الضعفاء من أبنائها، وتساند المظلومين، وتساعد في فك أسرهم، وترسخ قيم الفضيلة، وتدفع ديات القتلى، وغيرها مما يعزز الخير.
يجب على جميع فئات المجتمع التعاون لجلب الخير وتفادي الأذى، كما يُفترض عدم مساعدة اليهود لأي مشركين، لأنهم أعداء لله ورسوله -صلى الله عليه وسلّم-؛ إذ تُؤكد بنود الوثيقة على ضرورة وحدة ولاء المسلمين واليهود لتحقيق الأمن القومي.
تضمنت وثيقة المدينة مجموعة من المعاني والمبادئ الواضحة، والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:
أحدث التعليقات