دور الشورى في المجتمع الإسلامي

تتجلى أهمية الشورى في القرآن الكريم من خلال العديد من الآيات التي تدعو إليها، بل وهناك سورة كاملة تحمل اسمها، مما يبرز ضرورة اعتماد المسلمين على هذا المبدأ في حياتهم اليومية.

تعني كلمة الشورى في اللغة التشاور، أي تبادل الآراء والأفكار في قضية معينة. أما في الاصطلاح، فهي تعني استشارة أصحاب الرأي ومراجعة الأفكار حتى الوصول إلى الرأي الأكثر صوابًا. لقد أقر الإسلام الشورى وجعلها جزءًا أساسيًا من نظامه، حيث كان النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يتبع هذا المبدأ في جميع أموره مع أصحابه -رضوان الله عليهم-.

كان النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يستشير صحابته في مختلف الموضوعات المتعلقة بالشأن العام، وقد أشار الله -تعالى- إلى أهمية الشورى في قوله: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).

الشورى كعنصر أساسي للإيمان

تعتبر الشورى أحد أعمدة الإيمان، حيث جعلها الله -تعالى- خاصية تميز المؤمنين عن غيرهم، فاقترن ذكر الشورى بعبادة الصلاة في قوله: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ).

يدل ذلك على أن الشورى تعد نتيجة طبيعية للاستجابة لأوامر الله، كالعبادات الأخرى مثل الصلاة والإنفاق. فالناس المؤمنون يسعون لأداء الواجبات التي أمر الله بها، ومنها الشورى التي يجب أن يمارسها كل فرد في المجتمع، سواء كانوا حكامًا أو رعايا، مما يعكس أهمية الشورى كقيمة مجتمعية تهدف إلى ارشاد الأفراد إلى الصواب.

تعزيز الروح الجماعية

عندما وصل النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، قام بتأسيس مبدأ الشورى كمحور رئيسي في بناء الدولة الإسلامية. لقد ساهم هذا المبدأ في تعزيز العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع وبناء روابط قوية بينهم.

عندما يتم تطبيق الشورى في المجتمع، يعكس ذلك تفضيل المصلحة العامة على المصلحة الشخصية. كانت رؤية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تهدف إلى إنشاء مجتمع يتيح لكل فرد فرصة التعبير عن رأيه، مما يساهم في تشكيل الرأي العام في الدولة الإسلامية.

وقد جاء التأكيد على أهمية الشورى في تأسيس الدولة حين قال الله -تعالى-: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ). تعزز الشورى الروابط بين الحكام والمحكومين، وتسهم في تنمية التفاهم والتعاون بينهم من خلال مبدأ قابل للتطور وفق الظروف المتغيرة.

الوصول إلى القرار الصحيح

تعمل الشورى على جمع آراء الحكماء والعلماء، مما يؤدي إلى تحقيق الاختيار الصحيح والرشيد. وكان الحسن البصري قد علق على هذا الأمر بقوله: “ما تشاور قوم بينهم إلا هداهم الله إلى أفضل ما يحضر بهم.” إذا التزمت الأمة بمبدأ الشورى مع إخلاص النية، فإنها ستصل إلى الصواب بفضل الله.

تعزيز الدعوة والنصر

غالبًا ما تؤدي نتائج الشورى إلى الخيارات الصائبة، مما يسهل تحقيق المكاسب في إطار الدعوة الإسلامية. إذ تعمل الدولة الإسلامية القائمة على مبدأ الشورى على تجسيد القوة المجتمعية، حيث يساهم الأفراد في دعم قرارات الدولة والتفاعل معها بشكل إيجابي.

يجعل ذلك المشاركين في الشورى أكثر توافقًا مع منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- وامتثالهم لأمر الله في تطبيق الشورى كوسيلة لتحقيق السلامة والرشاد.