أهمية مشروعية التيمم في الإسلام

أهمية مشروعية التيمم

يعتبر التيمم فريضة فريدة تحمل حكمًا عظيمة، وقد استنبطها العلماء من خلال استقراء النصوص الشرعية. ونتناول هنا بعضًا من هذه الحِكم.

أولاً: تعزيز النشاط والابتعاد عن الكسل

نظرًا لأن النفس البشرية تعتاد على الكسل وطول الأمل، فقد شرع الله التيمم ليبعث النشاط في القلوب، ويساعدها على أداء الصلوات في مواعيدها مهما كانت الظروف. ينبغي على المسلم أن يتجاوز فكرة الكسل عند عدم توفر الماء، فيسعى إلى التيمم لأداء واجباته الدينية.

ثانيًا: استخلاص العبر للمسلم

يُحسس التيمم المسلم بأهمية وجود الماء في حياته، وينبهه إلى أصله الترابي وإلى مصيره المحتوم. كما يجسد التيمم شعور المسلم بالافتقار إلى الله من خلال المسح بالتراب، وهي عبادة تحمل فوائد عظيمة للعبد.

ثالثًا: وفرة التربة وسهولة الحصول عليها

حددت الشريعة التيمم باستخدام التراب بسبب توفّره ووجوده في كل مكان، مما يخفف الحرج والمشقة عن الناس. كما أن الله سبحانه وتعالى قد خفف شروط التيمم مقارنةً بالوضوء باستبعاد بعض الأعضاء.

رابعًا: تميز أمة الإسلام

لم يُشرع التيمم لأي أمة قبل أمة الإسلام. فقد روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ مِنَ الأنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، وأَيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّتْ لي الغَنَائِمُ، وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ كَافَّةً، وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ).

التيمم في الكتاب والسنة

توجد عدة أحاديث تدل على مشروعية التيمم لرفع الحدث، ومنها:

  • من القرآن الكريم قوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
  • ومن السنة: ما رواه حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: (فُضِّلْنا علَى النَّاسِ بثَلاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنا كَصُفُوفِ المَلائِكَةِ، وجُعِلَتْ لنا الأرْضُ كُلُّها مَسْجِدًا، وجُعِلَتْ تُرْبَتُها لنا طَهُورًا، إذا لَمْ نَجِدِ الماءَ وذَكَرَ خَصْلَةً أُخْرَى).

طريقة التيمم

تتمثل كيفية التيمم في نية المسلم رفع الحدث سواء كان أصغر أو أكبر، ثم يضرب بباطن يديه على التراب مرة واحدة وينفضهما، ثم يمسح بهما وجهه. بعدها، يعيد الضرب على التراب مرة أخرى ويمسح كفّه اليمنى بباطن اليسرى، ثم يكرر الأمر مع كفه اليسرى. ويستند ذلك إلى ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما قال عمّار بن ياسر -رضي الله عنه-: (جاء رجلٌ إلى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فقالَ: إنِّي أجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبِ المَاءَ، قالَ عَمَّارُ: أمَا تَذْكُرُ أنَّا كُنَّا في سَفَرٍ أنَا وأَنْتَ، فأمَّا أنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وأَمَّا أنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: إنَّما كانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا).

نواقض التيمم

حدد العلماء أن التيمم يتعرض للنقض برمتين، وهما كالتالي:

أولاً: نواقض الوضوء

ينتقض التيمم بأي حدث ينتقض به الوضوء من الأحداث الصغيرة أو الكبيرة، مثل خروج البول والغائط أو خروج الريح، بالإضافة إلى خروج المذي والمني وزوال العقل، وشرب المحرمات، والاستغراق في النوم، ويظل الرجل والمرأة سواء في مسائل انتقاض الوضوء.

ثانيًا: العثور على الماء

إذا قام المسلم بالتيمم ثم وجد الماء، فإنه يكون ملزمًا بتجديد الطهارة بالماء. وهذا ضروري في حال عدم أدائه الصلاة بعد التيمم. وقد ورد عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: “خرج رجلان في سفر، فحانت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما صعيدًا طيبًا وصلوا. ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يعد الآخر. ثم أتيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرا له ذلك، فقال للأول: أصبت السنة وأجزأتك صلاتك. وقال للذي وضأ وأعاد: لك الأجر مرتين”.

Published
Categorized as إسلاميات