تُعتبر حياة الإنسان من أثمن ما يمتلكه، إذ يسعى المسلم لتحقيق ما يرضي الله -عز وجل- ويعود بالنفع على نفسه وأمته. لذلك، ينبغي على الفرد أن يتأمل جيدًا فيما يقدمه من الخير أو الشر، وهذا يتطلب منه الالتزام بأوامر الله -تعالى- وسنة نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم-. من خلال هذا الالتزام، يصبح الإنسان قادرًا على استثمار وقته في البناء والإعمار، بدلًا من الهدم والتسويف، مما يعيد له قيمة الوقت ولذته.
قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (نِعمتان مَغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ). يُعلمنا هذا الحديث أن العديد من الناس يغفلون عن أهمية الوقت، ويستغلونه بشكل غير صحيح، وغالبًا ما يدركون ذلك حين يفوت الأوان، بعد أن يخسروا أعمارهم وصحتهم. لذا، يجب علينا أن نتعرف على الأعمال التي نستخدم فيها وقتنا بشكل مثالي، واستلهام العبر من أسلافنا، ليكون لنا نصيب من متعة الوقت في حياتنا الدنيا، وننال ثواب ذلك في الآخرة.
وهنا نذكر بعض الجوانب التي تعكس أهمية الوقت:
إذا كنت ترغب في أن تكون حياتك مليئة بالسعادة وتحقيقها في الدنيا والآخرة، فعليك أن تجعل حياتك خالصة لله في كل مكان تذهب إليه وأي فعل تقوم به. فبذلك سيرضيك الله بأضعاف ما كنت تتوقع. فهل هناك أجمل من أن تكون خادمًا لله -تعالى- ملك الملوك؟
يعد النجاح في حياتك في أعلى مستوياته عندما تقتنع بأن تعيش لإرضاء الله، مستثمرًا أوقاتك في الأعمال الصالحة والابتعاد عن المحرمات طمعًا في رضاه. إذا رضي الله عنك، فإنك ستكون في مكانة عظيمة لديه، وستجني جزاء ما تقدمه من أعمال في الدنيا والآخرة.
حدد الشرع الأوقات اللازمة للعبادة، حيث قال الله -تعالى-: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا). وتشمل هذه الأوقات الواجبات المتعددة مثل الحج والعمرة والصيام والزكاة والأضحية، حيث أتى الإسلام لتنظيم عبادة الفرد المسلم، لأن العبادة تعتبر ركيزة أساسية في حياة الفرد وتأثيرها مرتبط بصلاح أو فساد الحياة.
كل إنسان لديه عمر محدد منذ لحظة خِلقتِه وحتى نهايته، والشخص المؤمن يدرك ذلك من أعماق قلبه. فالموت حق لا مفر منه، وبهذا تتجلى أهمية الوقت في تسجيل أكبر عدد ممكن من الأعمال الصالحة. قال الله -تعالى-: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا). وهذا يبين أن حساب الإنسان عند الله يعتمد على كيفية استغلاله للوقت، ومن ثم فإن الختام الجيد عند الموت مرتبط بالأعمال الطيبة التي قدمها.
كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ). وبالتالي، سُنسأل عن كل صغيرة وكبيرة في حياتنا، وكيف أنفقنا أوقاتنا، وأين ذهبت بها، وقد أُشير إلى فترة الشباب بعد العمر؛ لأنها الزمن الذي يتاح فيه أداء أرقى العبادات، فنحن جميعًا سنُختبر في ذلك، مع احتمال الجنة أو النار.
الإسلام دين شامل لأنه من عند الله، ويحث على عدم إضاعة الوقت في المحادثات غير المثمرة، بل يجب استغلال الوقت للعمل الجاد الذي يجلب الفائدة للفرد في الدنيا والآخرة. قال الله -تعالى-: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ). كما يجب على المؤمن أن يركز على الإنجازات، متجاهلاً كل ما يشغله عن تحقيق أهدافه. وهناك العديد من الطرق التي يمكن بواسطتها استغلال الوقت بشكل فعّال، ومنها:
تُعتبر من أهم الوسائل التي يمكن أن يستخدمها الفرد في طاعة الله، وقد كان هذا الطريق من سلوك الصالحين والتابعين، ويجب عليك باستمرار أن تحاسب نفسك وتعرف كيف أنفقت وقتك.
هؤلاء الأشخاص هم الأكثر تأثيرًا في حياتك؛ لحرصهم على استغلال وقتهم لتحقيق أهدافهم وكسب رضا الله. كما قيل:
إذا كنتَ في قومٍ فصاحِب خِيارَهم
:: ولا تَصحبِ الأردى فَتردَى مَعَ الرَّدِي
عن المرءِ لا تَسَلْ وسَلْ عن قرينهِ
:: فكلُّ قرينٍ بالمقارَن يقتدِي.
توجد العديد من قصص السلف الصالح حول كيفية استغلال وقتهم في طاعة الله، وهم من أبرز الأمثلة في الاستفادة من العمر في العبادة، فلينظر كل منا إلى حياتهم وكيف اكتسبوا الخلود في التاريخ بسبب استغلالهم لأوقاتهم.
للوقت أهمية كبيرة في حياة الفرد المسلم، كما ذكرنا سابقًا، لذلك ينبغي علينا أن نرسم نظامًا يوميًا يسعى لتحقيق الاستفادة القصوى من الوقت، وفيما يلي بعض الأمور التي يجب على المسلم القيام بها:
أحدث التعليقات