العلم يُعرّف بأنه الفهم العميق للأمور بعد بذل جهد مضني، ويُعتبَر إحدى الوسائط الأساسية للوصول إلى المعرفة الحقيقية. توجد أنواع متعددة من العلم، مثل علوم العقائد، التراجم، اللغات، الأنساب، الرياضيات، الفيزياء، والكيمياء. وقد أولى الدين الإسلامي اهتماماً خاصاً بمختلف مجالات العلم، حيث يُعتبر العلم ركيزة أساسية لتقدم الأمم وازدهار الحضارات. في هذا المقال، سنستعرض أهمية العلم في الإسلام، ودوره في الحضارة الإسلامية، بالإضافة إلى المنهج العلمي الذي اتبعه المسلمون.
نال العلم اهتماماً كبيراً في الإسلام، حيث جاءت أول آية في القرآن لتشجع على القراءة والسعي نحو المعرفة، قال الله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق: 1]. واحتوت آيات أخرى تدعو إلى استخدام العقل واستكشاف البيئة من حولنا، فعن طريق العلم يُعرف الإنسان بالله سبحانه وتعالى، ويتحقق دوره في الأرض كخليفة. وقد ميز الله بين العالمين وغيرهم في قوله: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ) [الزمر: 9].
يحظى العلماء بمكانة رفيعة في المجتمع الإسلامي، ما يضعهم في مرتبة أعلى بكثير مقارنة بالآخرين هنا وفي الآخرة. إن أهل العلم يتميزون بسرعة إدراك الحق والحقيقة، حيث يتحكمون بعقولهم في مختلف الأمور، مما يجعلهم من أوائل المؤمنين.
قام المسلمون باكتشاف العديد من العلوم الجديدة التي لم تكن معروفة من قبل، مع استخدام مسميات عربية لها، مثل علم الجبر، الكيمياء، وعلم المثلثات. كما أطلقوا منهجاً علمياً يعتمد على التجريب والمشاهدات والاستنتاجات. تم دمج الرسوم التوضيحية مثل رسومات الآلات والعمليات الجراحية داخل كتبهم العلمية، إلى جانب تأليفهم لقواميس وموسوعات مرتبة وفقاً للأبجدية. وكانت المكتبات في تلك الفترة تحتوي على أجهزة مخصصة للترجمة، النسخ، والحفظ والتوزيع، مع تواجد مترجمين من مختلف الجنسيات الذين أتقنوا اللغة العربية بالإضافة إلى لغاتهم الأم.
شهدت الأساليب العلمية لدى المسلمين تطوراً ملحوظاً، حيث وصلت هذه الثقافة إلى ذروتها في القرن الحادي عشر الميلادي. يُظهر ذلك بوضوح في أعمال العالم ابن الهيثم، الذي يُعتبر رائداً في مجال الفيزياء التجريبية، حيث اعتمد على التجريب والقياس الكمي لتفريق بين عدد من النظريات العلمية المتقاربة، ضمن إطار التوجه التجريبي. وقد ألّف ابن الهيثم كتابه الشهير “البصريات”، وصحح العديد من المفاهيم في هذا المجال، مُثبتاً بالتجربة أن الرؤية تعتمد على الأشعة الضوئية التي تنعكس على العين، وقد قام أيضاً باختراع جهاز مشابه للكاميرا، والذي أُطلق عليه اسم “قمرة”.
أحدث التعليقات